25 - أكتوبر - 2025

   

دراسة تحليلية لمتطلبات القياس والإفصاح عن الأصول المالية محل التوريق

دراسة‭ ‬تطبيقية‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬المصرية

لقد عانى العالم منذ فترة من أزمات مالية عالمية يرجع سببها إلى القروض العقارية المورقة التي تمادت البنوك والمؤسسات المالية في استخدامها والتوسع فيها من خلال عمليات توريق الديون المضمونة بأصول الرهن العقارى وتوقف المستثمرين عن شراء السندات المالية للقروض المورقة والمدعومة بقروض الرهن العقاري، كما توقفت البنوك والمؤسسات المالية عن الائتمان لبعضها مما أدى إلى أزمة ائتمان هائلة نتج عنها إفلاس البنوك ومؤسسات الاستثمار الكبرى ثم تحولت تدريجياً إلى أزمة مالية عالمية يعاني منها العالم بأكمله، حتى أن تقرير المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وجه الاتهام لعمليات التوريق باعتبارها أهم أسباب الانهيار المالي العالمي، حيث  «كانت الأزمة بمثابة الاختبار الأول الذي تتعرض له أدوات الدين المضمونة بالأصول المالية الناتجة عن عمليات التوريق «.

إعداد‭ ‬وتقديم‭ :‬‭ ‬د‭. ‬كوثر‭ ‬الأبجي

رسالة‭ ‬ماجستير‭ ‬في‭ ‬المحاسبة‭ ‬من‭ ‬كلية‭ ‬التجارة‭ ‬–‭ ‬جامعة‭ ‬بني‭ ‬سويف‭ – ‬مصر

الطالبة‭: ‬فاطمة‭ ‬روبي‭ (‬1437هـ‭ -‬2016م‭)‬

‭  ‬أهمية‭ ‬البحــث‭:‬

يستمد البحث أهميته من أهمية نشاط توريق الأصول المالية من جانبين:

الأول: استعراض مشكلات القياس والإفصاح المحاسبي عن توريق الأصول المالية.

الثاني: تناول الجوانب الفقهية للتوريق في الفقه الاسلامي ومدى اتفاقه مع أحكامه. وهو ما سيتم التركيز عليه بمشيئة الله تعالى في هذا العرض، وهو أيضاً ما يميز هذه الرسالة العلمية التي تناولت لأول مرة التوريق التقليدي والتوريق في ضوء الفقه الاسلامي محاسبياً.

‭  ‬هـــدف‭ ‬البحــث‭:‬

تحديد المتطلبات المحاسبية للقياس والإفصاح لعمليات التوريق في ضوء كل من الفكر التقليدي والفكر الاسلامي لمواجهة تحديات الأسواق المالية.

منهج البحث: المنهج الاستقرائي للقياس والإفصاح عن الأصول المالية المورقة.

‭  ‬خطة‭ ‬البحـث‭: ‬

تم تقسيم البحث إلى أربعة فصول تناولت: طبيعة التوريق ومخاطره في ضوء الفكر التقليدي والإسلامي، متطلبات القياس المحاسبي عن توريق الأصول المالية، متطلبات الإفصاح عن عمليات توريق الأصول المالية، والدراسة التطبيقية.

نتائج‭ ‬دراسة‭ ‬التوريق‭/ ‬التصكيك‭ ‬في‭ ‬الفقه‭ ‬الإسلامي‭ ‬

  باعتبار المؤسسات المالية الإسلامية تحرم الفائدة ومع اعتماد التوريق على هذه الفائدة كأداة تمويل, لذلك قسمت الدراسة إلى ثمانية جوانب كما يلي:

أولاً: حكم توريق الأصول المالية والديون في الفقه الإسلامي:

1- الحكم الشرعي لنتائج توريق الأصول المالية والديون:

(أ)‭ ‬توريق الأصول والديون يؤدي إلى التعامل بالفائدة:

يؤدي التوريق إلى المتاجرة بالديون والتوسع حيث يمثل الربح الفرق بين فائدتي الإقراض والاقتراض وهي ربا محرم شرعاً، كما تعتمد على أصول صورية بما لا يتفق مع أحكام الشريعة مما يعنى أن التوريق محرم شرعاً.

(ب) غياب الرقابة المالية الفعالة: يعتبر غياب الرقابة أهم المشكلات في الإهمال وضعف رقابة البنوك المركزية والمؤسسات المالية مما يسمح بمخالفة قواعد الرقابة والتلاعب والتدليس.

(ج) انتشار الفساد الأخلاقي الاقتصادى: وتتمثل في الرشوة للحصول على القروض والتلاعب في تقويم الضمانات، وهو ما كشفته الأزمة المالية مع ضعف الشفافية وتدليس القوائم المالية للمصارف، مما يخل بالأمانة والشفافية وبذلك يتعارض التوريق مع أحكام الشريعة الإسلامية.

2- آراء علماء وفقهاء لمجمع الفقه الإسلامي الدولي:  توصلت الأبحاث إلى النتائج التالية:

(أ) التوريق أداة مالية لتحويل ديون متجانسة مضمونة مع فوائدها إلى أوراق مالية قابلة للتداول من خلال مؤسسة ذات غرض خاص (S.P.V) يدخل ضمن سندات الدين المحرمة التي أصدر مجمع الفقه الإسلامي قراراً بشأنها رقم 60 (11/6) السندات.

(ب) التصكيك هو البديل الشرعي للتوريق بدلاً من السندات المحرمة وهو قائم على أساسين:

الأول: تطبيق المضاربة في مشروع معين، بحيث لا يكون لمالكيها فائدة أو نفع مقطوع، وإنما نسبة من ربح المشروع الفعلي بقدر ما يملكون من الصكوك حسب ضوابط المجمع في قراره رقم 137 (3/15).

‭ ‬المعيار‭ ‬الشرعي‭ ‬لقبول‭ ‬الأصول‭ ‬محل‭ ‬التصكيك‭ ‬هو‭ ‬عقد‭ ‬بيع‭ ‬الأصول‭ ‬فإذا‭ ‬ترتب‭ ‬عليه‭ ‬نقل‭ ‬ملكيتها‭ ‬يكون‭ ‬التصكيك‭ ‬جائزاً‭ ‬إسلامياً‭ ‬

الثاني: تحديد نوع العقد الشرعي الذي يمكن تطبيق التصكيك على أساسه ويتضمن الضوابط والشروط والأحكام الشرعية الخاصة بالإصدار والتداول.

(ج) أصدر مجمع الفقه الإسلامي قرار رقم 178 (4/19) بشأن الصكوك الإسلامية (التوريق) وتطبيقاتها المعاصرة وتداولها جاء فيه أن التوريق التقليدي هو تحويل الديون إلى أوراق مالية (سندات) متساوية القيمة قابلة للتداول, وهي تمثل ديناً بفائدة لحاملها قى ذمة مصدرها ولا يجوز إصدار هذه السندات ولا تداولها شرعاً, والتصكيك هو إصدار وثائق مالية متساوية القيمة لحصص شائعة في ملكية الأصول تصدر وفق عقد شرعي وتأخذ أحكامه.

ونستخلص مما سبق أن الآراء الفقهية لاتجيز استخدام التوريق لأنه يقوم على الديون بالفائدة المحرمة شرعاً، ونتيجة تطور المعاملات المالية الإسلامية مع قدرة الشريعة الإسلامية على مواكبة التطورات المالية والتمويلية أنتجت بديلاً شرعياً للتوريق التقليدي يتوافق مع أحكامها وتحكمه ضوابطها، وعرف هذا البديل  «بالتوريق الإسلامي » أو  «التصكيك », ويستند على أصول حقيقية مدرة للدخل ويمثل الصك حصة شائعة في ملكية حقيقية للأصل ويصدر على أساس عقد شرعي في إطار أحكام وضوابط شرعية في ضوء إصدار هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية للمعيار الشرعي رقم (17) بشأن صكوك الاستثمار.

ثانياً: طبيعة الأصول الجائز توريقها أو تصكيكها إسلامياً:

تحدد طبيعة الأصول المالية التي تورق أو تصكك ما إذا كانت هذه العملية توريق نقدي أو توريق يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، لذا يجب تحديد محفظة التوريق؛ هل هي ديون أم أصول؟ وهل الصكوك المصدرة مدعومة بالأصول أم بضمان الأصول وأيهما مقبول شرعاً ؟ ويتم توضيح ذلك كما يلي:

1- الأصول المحظور دخولها في التوريق / التصكيك:

 (أ) من حيث نوع الأصول: اتفق الفقهاء على حرمة دخول الأصول التي تستخدم القروض الربوية، وقد قررت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية عدم جواز تصكيك الديون في الذمم لعدم جواز بيع الدين شــرعاً.

(ب)  من حيث طبيعة الأصول: يجب أن تكون الأصول المورقة التي تصدر بها الصكوك الإسلامية أصول حقيقية مدرة للدخل وليست صورية ليتمكن حملة الصكوك من التصرف فيها.

2- علاقة الأصول المورقة/ المصككة بالصكوك المصدرة: يجب التفرقة بين نوعين من توريق أو تصكيك الأصول وهما: التصكيك المدعوم بالأصول والتصكيك القائم على الأصول:

(أ) التصكيك المدعوم بالأصول: هو  «انتقال ملكية الأصول محل التصكيك إلى حملة الصكوك الإسلامية بمعنى امتلاكهم أصول الصكوك وبيعها اذا لزم وحدث تعثر ».

(ب) التصكيك القائم على الأصول: وفيه  «لا تنتقل ملكية الأصول محل التصكيك من المنشئ لحملة الصكوك بعقد حقيقى وليس لديهم حق النفاذ للأصول وبيعها عند التعثر أو الإفلاس لأنهم لا يملكونها قانونياً », ومن أمثلته تطوير مطار مملكة البحرين.

مشكلات تطبيق إصدار الصكوك:

هناك انحرافات في تطبيق التصكيك القائم على الأصول، منها ما يلي:

– عدم نقل ملكية الأصل إلى شركات SPV وإبقائها ضمن ملكية المنشأة المُصدِرة وبذلك يضمن المُصدر لحملة الصكوك عائد/ فائدة ربوية , بالإضافة إلى رأس مالهم عند الاكتتاب.

– لا يحق لحملة الصكوك الرجوع على المصدر عند الإفلاس أو التعثر, مما يؤكد أنها مجرد سندات مضمونة, لا صكوك ملكية تتحمل الربح والخسارة وتصدر بضمان طرف ثالث.

– للمنشئ الحق في المتحصلات الفائضة غير المتفق عليها من عوائد الصكوك بما لا يعد بيعاً حقيقياً وبالتالي تكون الصكوك في حقيقتها قرضاً مضموناً يقدمه حملة الصكوك للمنشئ.

– إذا اشترط المصدر على المنشئ ضمان قيمة الصفقة برهن الأصل, أو ضمانها بأصول أخرى للمنشئ تكون الصفقة مجرد سندات مضمونة بعائد محدد وليست صكوكاً إسلامية.

(ج) أدلة رفض التوريق/ التصكيك القائم على الأصول شرعاً: عدم نقل ملكية الأصول لحملة الصكوك في التصكيك القائم على الأصول يعني أن العقد الخاص بصفقة التصكيك حق غير شرعي لأن أساس عملية البيع لأي أصل هو نقل الملكية وبذلك نستنتج يما يلي:

– عدم نقل الملكية غير جائز شرعاً إذ يتحول التصكيك إلى قرض مضمون من حملة الصكوك للمنشئ على أن يعيده لهم بزيادة تمثل الفرق بين سعر البيع وسعر الشراء.

– حرمان حملة الصكوك من حقهم في النفاذ إلى الأصول وبيعها في حالة التعثر أو إعسار المنشئ أو الإفلاس يعني أنهم مجرد دائنون كباقي الدائنين مما يؤكد صورية العقد.

– ألا يكون لحملة الصكوك حق الإشراف وإقرار نتائج الأعمال باعتبارهم مشاركين للشركة, ويتطلب قرار مجمع الفقه الإسلامي 178 أن تتولى شركات SPV إصدار الصكوك وإدارتها.

‭ ‬يجب‭ ‬إيجاد‭ ‬معايير‭ ‬دقيقة‭ ‬لرقابة‭ ‬المصارف‭ ‬المركزية‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الضوابط‭ ‬الشرعية‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬معايير‭ ‬وضوابط‭ ‬سندات‭ ‬الدين‭ ‬

ثالثاً: مفهوم التصكيك الإسلامي وخصائصه:

1- الحاجة الاقتصادية والمالية إلى إصدار الصكوك الإسلامية:

تعتبر الصكوك استكمال لباقي آليات وأدوات الاقتصاد الإسلامي، كما أنها ترفع الحرج عن شريحة من المستثمرين تحتاجها وتثري السوق المالية الإسلامية، وهي من أهم وسائل تنويع الموارد الذاتية وتوفير السيولة وتساعد الأفراد على توفير مدخراتهم الصغيرة وتجميعها وتثمينها.

2- مفهوم التصكيك/ التوريق الإسلامي:

عرفتها هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية بالمعيار الشرعي رقم (17) بأنها  «وثائق متساوية القيمة تمثل حصصاً شائعة في ملكية أعيان أو منافع أو خدمات أو في موجودات مشروع معين أو نشاط استثماري خاصة بعد تحصيل قيمة الصكوك وقفل باب الاكتتاب وبدء استخدامها فيما أصدرت من أجله ».

3- خصائص الصكوك الإسلامية:

‭ ‬•‭ ‬وثيقة باسم مالكها أو لحاملها لإثبات حق مالكها فيما تمثله من حقوق والتزامات مالية .

‭ ‬•‭ ‬ تمثل حصة شائعة في ملكية موجودات مخصصة للاستثمار, أعياناً كانت أو منافع أو خدمات أو خليطاً منها وحقوقاً معنوية، ولا تمثل ديناً في ذمة مصدرها لحاملها.

‭ ‬•‭ ‬تصدر على أساس عقد شرعي بضوابط شرعية تنظم إصدارها وتداولها.

‭ ‬•‭ ‬يخضع تداول الصكوك لشروط تداول ما تمثله .

‭ ‬•‭ ‬يشارك مالكو الصكوك في الربح والخسارة حسب الاتفاق في نشرة الإصدار .

رابعاً: أنواع الصكوك الإسلامية وضوابطها الشرعية:

وثائق متساوية القيمة بأنواع مختلفة هي: صكوك ملكية الأصول، صكوك ملكية المنافع، صكوك السلم، صكوك الاستصناع، صكوك المرابحة، صكوك المشاركة، صكوك المزارعة، صكوك المساقاة، صكوك المغارسة، وتطبق فيما سبق العقود الشرعية المعروفة مثل الإجارة والمرابحة والمضاربة والوكالة …الخ.

الأحكام والضوابط الشرعية للصكوك الإسلامية: يجب مراعاة ما يلي:

(أ) مقومات إصدار الصكوك الاستثمارية الإسلامية:

– يجوز إصدار صكوك لاستثمار حصيلة الاكتتاب فيها على أساس عقد استثمار شرعي.

– يجوز تص

+974 4450 2111
info@alsayrfah.com