الإمارات الأولى عربياً بمؤشر الاقتصاد الرقمي بأربعة معايير أساسية
ضمن الجهود المبذولة لتنفيذ رؤية الإمارات لتكون من أفضل دول العالم وأكثرها تطوراً، نجحت الدولة في تأسيس اقتصاد رقمي شجع على الابتكار، وتميز بإمكانات هائلة، حيث حلق التحول الرقمي بالاقتصاد الوطني لآفاق جديدة ومعدلات نمو قياسية غير مسبوقة بجميع القطاعات الاقتصادية.
وشهد التحول الرقمي في جميع القطاعات ومن بينها الخدمات الحكومية الإماراتية الرقمية طفرة كبيرة خلال العقد الثاني من القرن الحالي، خصوصاً مع الارتقاء بثقافة إدارة الخدمات الحكومية، مما ساعد على إحداث تغير جذري في آليات تقديم الخدمات الحكومية، وتحولت من الاعتماد على المكاتب وآلاف الموظفين إلى الاعتماد على أنظمة متقدمة وعقول مبتكِرة.
كتب – أحمد عبد الفتاح
الأولى عربياً
ووفقاً لدراسة حديثة لصندوق النقد العربي، فإن التواجد الرقمي للمؤسسات الحكومية وانسجامها مع المتعاملين، سواء من الأفراد أو الشركات، يعد أحد أهم جوانب التمكين الرقمي، مؤكدة أنه في هذا الإطار تصدرت الإمارات الدول العربية في مؤشر إدراك أهمية التحول الرقمي، حيث جاءت في المرتبة الأولى عربياً بمؤشر الاقتصاد الرقمي الذي يرتكز على أربعة معايير أساسية، يتعلق الأول بتقييم المستوى الأساس لخدمات الاتصالات وتقنية المعلومات، بما في ذلك البنية التحتية للاتصالات والقدرة على تحمل التكاليف، ويتعلق الثاني بقدرة فئات المجتمع (الأفراد ومؤسسات الأعمال والحكومات) على الاستفادة من البنية الرقمية لتطوير وإنتاج واستخدام المعرفة للانخراط الفاعل في غمار الاقتصاد الرقمي فيما يتعلق باستخدام الاتصالات وتقنية المعلومات.
وتوضح الدراسة أن المعيار الثالث لقياس مؤشر الاقتصاد الرقمي يتمثل في مستوى مساهمة الاقتصاد الرقمي في ثلاثة مجالات أساسية تشمل نسبة مساهمة قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في الناتج المحلي الإجمالي، وحصة الوظائف في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، وحجم صادرات خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات من إجمالي الصادرات السلعية، أما المعيار الرابع فيتعلق بالابتكار في قطاع الاقتصاد الرقمي وما يرتبط به من مستويات الإنفاق على البحث والتطوير، والبيئة التشريعية المشجعة والمنظمة للتجارة الإلكترونية، ومدى حماية الملكية الفكرية.
ووفقاً للدراسة التي أعدتها الدكتورة هبة عبدالمنعم، والدكتور سفيان قعلول، فقد تنامى دور الاقتصاد الرقمي في المساهمة في الأنشطة الاقتصادية عالمياً بصورة ملحوظة خلال العقدين الماضيين، مما ساعد على ارتفاع نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى نحو 15.5 في المائة، وأدى التطور المتلاحق في تقنيات الاتصالات وخدمات المعلومات إلى تعزيز دور الاقتصاد الرقمي خصوصاً في الدول النامية، وزيادة معدلات النمو الاقتصادي والتجارة الدولية وبلوغ أهداف التنمية المستدامة.
التمكين الرقمي
وتناولت الدراسة مدى تطور الاقتصاد الرقمي في الدول النامية استناداً إلى أربعة أبعاد رئيسة للاقتصاد الرقمي تشمل: البنية الرقمية، التمكين الرقمي، المساهمة الاقتصادية، والإبداع والابتكار الرقمي في إطار نهج يتوافق مع ما يعرف بحزمة مجموعة العشرين لمؤشرات الاقتصاد الرقمي، مع الاستناد لمنهج قياسي للدراسة تم من خلاله بناء مؤشر مركب للاقتصاد الرقمي لرصد مدى تقدم الدول العربية على صعيد عدد من الركائز وثيقة الصلة بالتحول نحو الاقتصاد الرقمي.
وأشارت إلى تحقيق الدول العربية إنجازات مهمة على صعيد التحول الرقمي في العديد من المجالات، إلا أن هذا التقدم لا يزال أقل من مثيله المسجل على المستوى العالمي وأقل كذلك من التقدم المحقق في الدول النامية متوسطة الدخ،ل ومن مثيله المحقق على مستوى بعض الأقاليم الجغرافية الأخرى، موضحة أنه على مستوى البنية الرقمية سجلت الدول العربية تقدماً ملحوظاً على صعيد الاتصالات وخدمات تقنية المعلومات، وهو ما مكن من ارتفاع نسبة اشتراكات الهاتف المحمول النشطة إلى نحو 60 اشتراكاً لكل مائة من السكان في عام 2020 بمعدل نمو مركب بلغ 20 في المائة سنوياً خلال الفترة من 2010 حتى 2020، إلا أن تلك المستويات لاتزال أقل من مثيلاتها المسجلة على المستوى العالمي البالغة 75 اشتراكاً لكل مائة من السكان.
ووفقاً للدراسة شهد استخدام شبكة الإنترنت زيادة كبيرة في الدول العربية ليمثل عدد المستخدمين للشبكة 55 في المائة من السكان بمعدل نمو مركب بلغ 13 في المائة سنوياً، بينما تبقى هذه المستويات أقل من معدل النمو في دول آسيا والباسيفيك الذي بلغ خلال الفترة نفسها 94 و97 في المائة على التوالي، وعلى الرغم من التطور الذي شهدته أسواق الاتصالات وتقنية المعلومات واتجاه العديد من الحكومات إلى تحرير هذه القطاعات؛ بما ساعد على انخفاض مستوى تكلفة هذه الخدمات، إلا أن الدول العربية لاتزال تواجه تحديات تتعلق بمستويات إتاحة خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات للمواطنين بكلفة مقبولة حيث تزيد كلفة هذه الخدمات في الدول العربية عن 2 في المائة من متوسط دخل الفرد الذي يمثل المعيار العالمي لإتاحة خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات بكلفة مقبولة للسكان.
فجوة رقمية عربية
وأشارت الدراسة إلى وجود فجوة رقمية عميقة ومتعددة الأبعاد في البنية الرقمية في الدول العربية، سواء ما بين الحضر والريف، أو على مستوى الإناث والذكور، أو على مستوى الشرائح العمرية للسكان، وكذلك اتساع الفجوة الرقمية ما بين الدول العربية، موضحة أنه على سبيل المثال ترتفع مستويات تغطية السكان في الحضر بشبكات هاتف محمول متطورة إلى نحو 100 في المائة من السكان، بينما لا تتعدى النسبة في الريف 88 في المائة، وهو ما يعد منخفضاً بالقياس بالمتوسط العالمي البالغ نحو 93 في المائة في عام 2020، وفي حين تسجل نسبة الذكور المستخدمين للإنترنت في الدول العربية نحو 61 في المائة من إجمالي الذكور، فإنها لا تتعدى بالنسبة للإناث مستوى 47 في المائة، وفي حين تبلغ نسبة الشباب المستخدمين للإنترنت على مستوى الدول العربية نحو67 في المائة، وترتفع النسبة في بعض الأقاليم الأخرى مثل الأمريكيتين وأوروبا إلى 90 و96 في المائة على التوالي.
وأوضحت أن هناك فجوة رقمية على مستوى تطور مستويات البنية الرقمية ما بين الدول العربية فرادى، حيث تتصدر دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الدول العربية في عدد كبير من مؤشرات البنية الرقمية وعلى رأسها الإمارات، التي تحتل المرتبة الأولى على مستوى الدول العربية في هذه المؤشرات، وبفارق بينها وبين أقل دولة عربية في مجال البنية الرقمية يقارب على سبيل المثال 50 ضعفاً فيما يتعلق بمستويات انتشار خدمة الهاتف المحمول.
تفاعل المستهلكين
وأكدت الدراسة أن الإمارات تصدرت الدول العربية من حيث مؤشر تفاعل جمهور المستهلكين مع مؤسسات الأعمال للحصول على السلع والخدمات، حيث سجلت أعلى مستوى للسكان الذين يقومون بعمليات الشراء الإلكتروني، كما تصدرت الدول العربية فيما يتعلق بعدد الخوادم الآمنة لكل مليون نسمة من السكان، حيث يساعد انتشار هذه الخوادم على إرساء دعائم الاقتصاد الرقمي على صعيد مؤسسات الأعمال، وجاءت الإمارات كذلك بالمرتبة الأولى عربياً بمؤشر مدى أهمية التحول الرقمي في الدول العربية الذي يرتبط بالتواجد الرقمي للمؤسسات الحكومية وانسجامها مع المتعاملين سواء من الأفراد أو الشركات.
وذكرت الدراسة أنه فيما يتعلق بمساهمة قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في الناتج المحلي الإجمالي تأتي الأردن بالمرتبة الأولى عربياً، بواقع 2.2 في المائة من الناتج المحلي، تليها كل من الإمارات والبحرين بنحو 8 في المائة لكل منهما، في حين تنخفض المساهمة في باقي الدول العربية إلى ما دون 5 في المائة، في حين بلغت نسبة مساهمة سلع وخدمات قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات 3.8 في المائة من إجمالي التجارة الخارجية للدول العربية، وتعد نسبة متواضعة مقارنة بنحو 12.5 في المائة للمتوسط العالمي.
وأظهرت أنه فيما يتعلق بمستوى التمكين الرقمي الذي يتعلق باستخدام الاتصالات وتقنية المعلومات من قبل الأسر ومؤسسات الأعمال والحكومات تتفوق دول مجلس التعاون في مؤشرات نفاذ الأسر إلى الاتصالات وتقنية المعلومات للحاسب الآلي والإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، حيث تتجاوز – على سبيل المثال – 80 في المائة من الأسر، حيث لعبت مستويات نفاذ الأسر إلى تقنيات الاتصالات والمعلومات دوراً كبيراً في تعزيز مستويات المرونة في التغلب على التداعيات الناتجة عن جائحة (كوفيد-19)، فقد مكنت نسب النفاذ العالية للأسر للحاسب الآلي والإنترنت بعض الدول العربية من تجاوز الخسارة في مستويات التحصيل التعليمي الناتجة عن إغلاق المدارس نتيجة الجائحة، وساعدتهم على ضمان مواكبة أبنائهم لدروسهم عن بُعد، بينما لم تتمكن العديد من الأسر العربية الأخرى من ذلك، بما يمثل خسارة في رأس المال البشري نتيجة ساعات التعليم المفقودة.
بناء مؤشر للاقتصاد الرقمي
وأوضحت الدراسة أنه على مستوى استخدامات مؤسسات الأعمال للاتصالات وتقنية المعلومات تصدرت كل من قطر والإمارات والبحرين والسعودية الدول العربية على صعيد استثمار مؤسسات الأعمال في تقنيات الاتصالات والمعلومات، وفي استخدام هذه التقنيات في إنجاز المعاملات ما بين الشركات، وتصدرت البحرين الدول العربية في مجال التحول نحو الخدمات الحكومية الإلكترونية، وتصدرت قطر الدول العربية على صعيد رقمنة المالية العامة ممثلة في مؤشر مدى رقمنة نظم المشتريات العامة، بينما تصدرت عُمان والبحرين والسعودية الدول العربية من حيث تطور مستويات أمن الفضاء الإلكتروني.
واستهدفت الدراسة الصادرة عن صندوق النقد العربي بناء مؤشر للاقتصاد الرقمي في الدول العربية لرصد تقدم هذه الدول في هذا المجال استناداً إلى أربع ركائز فرعية شملت البنية الرقمية، والمساهمة الاقتصادية، والتمكين الرقمي، والتطور والإبداع الرقمي، استناداً إلى المعطيات المتوفرة لنحو 14 دولة عربية، وباعتماد تركيبة هرمية لهذا المؤشر بأربع مستويات مختلف، وهي طريقة تمكن من سهولة احتساب المؤشر وتطويره بشكل مستمر بما يعكس ديناميكية الأبعاد والمؤشرات المختلفة للاقتصاد الرقمي.
تقليص نقاط الضعف
وأكدت أهمية رصد تطور الاقتصاد الرقمي في الدول العربية من خلال تحليل متعدد الجوانب يقيس كافة الأبعاد ذات العلاقة بعملية التحول الرقمي، بما يعطي صورة واضحة وشاملة لمدى تقدم البلدان العربية في مجال الاقتصاد الرقمي، نظراً لأن المؤشرات الجزئية تجعل من الصعب صياغة سياسات مستنيرة ورصدها وتقييمها.
كما أكدت الدراسة ضرورة قيام أصحاب القرار وصانعي السياسات بشكل دوري بمراجعة تقييم الدول العربية في المؤشرات المركبة للاقتصاد الرقمي بالتركيز على مكامن قوة كل بلد والالتزام بتصحيح وتقليص نقاط الضعف بما يضمن التطوير المتواصل لمقومات الاقتصاد الرقمي، مشيرة إلى أن هذا التقييم يتطلب مراجعة استراتيجيات التحول الرقمي ليتم التركيز على تعزيز نقاط القوة والإيجابيات المسجلة على مختلف ركائز الاقتصاد الرقمي، ووضع السياسات الكفيلة بمواجهة التحديات القائمة مع مراعاة الخصوصيات المرتبطة بكل دولة، مشيرة إلى أهمية تعزيز وتطوير البنية الأساسية لقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، بما يساعد على الإسراع بجهود التحول الرقمي، مع الاهتمام بتوفير تلك الخدمات بالتكلفة الملائمة لكافة فئات المجتمع.
وطالبت الدراسة بالاهتمام بالإنفاق على البحث والتطوير في تقنيات الاتصالات والمعلومات من قبل الحكومات وكذلك الشركات، وتعزيز البنية القانونية الكفيلة بدفع التحول نحو الاقتصاد الرقمي بما يشمل أهمية سن تشريعات لحماية الملكية الفكرية، وحماية امن وسرية البيانات، وأمن الفضاء السيبراني،
+974 4450 2111
info@alsayrfah.com