السماح للأجانب بالتملك الكامل للشركات يحلق بالاقتصاد الإماراتي لآفاق انتعاش جديدة
على الرغم من التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي في ظل استمرار إجراءات مكافحة انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، نجحت دولة الإمارات العبية المتحدة في تعزيز ريادتها الإقليمية والدولية في جذب الاستثمارات الأجنبية، مع استمرار إطلاق المبادرات واتخاذ الإجراءات والقرارات التشريعية والتنفيذية التي ترفع مستويات ثقة المستثمرين العالميين في كفاءة وجودة مناخ الأعمال والبيئة التشريعية المحلية، خصوصاً مع توفر بنية تكنولوجية تتوافق مع أحدث وأرقى المعايير.
وتتويجاً للجهود الحكومية المكثفة والمبادرات المتواصلة الرامية إلى تنشيط الاستثمار وتعزيز تنافسية الدولة في مجال ممارسة الأعمال، بدأ اعتباراً من أول يونيو الماضي (2021) تطبيق السماح للأجانب بالتملك الكامل (بنسبة 100 %) في الشركات بدولة الإمارات، بموجب أحكام المرسوم بقانون الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بشأن تعديل قانون الشركات، الذي يُتوقع أن يحلق بالقطاع الاستثماري والاقتصاد الوطني بصفة عامة إلى آفاق جديدة من الانتعاش والزخم تدعم خطط تنويع مصادر الدخل والاستعداد بقوة لعصر مابعد النفط.
كتب – أحمد عبد الفتاح
تعديلات تشريعية جديدة
ووفقاً للمؤشرات الأولية شهد شهر يونيو الماضي (أول شهور تطبيق المرسوم الجديد) إقبالاً كبيراً متصاعداً من قبل المستثمرين الأجانب للاستفادة من هذه الخطوة المهمة، وبالفعل استفاد عدد كبير من المستثمرين الأجانب من تطبيق التعديلات التشريعية الجديدة، وقاموا بإجراءات تملك 100 بالمئة من شركات في الدولة، مع توقعات بأن يشهد النصف الثاني من 2021 تنفيذ أعداد متزايدة من عمليات التملك الأجنبي الكامل لشركات محلية في العديد من المجالات التجارية والصناعية والسياحية، وفي قطاعات المقاولات والنقل والصحة والتعليم، والعديد من المجالات الأخرى.
وتضمن المرسوم بقانون اتحادي رقم 26 لسنة 2020 في شأن تعديلات قانون الشركات التجارية عدداً من الأحكام الجديدة التي تعزز تحرير القطاعات والأنشطة الاقتصادية في دولة الإمارات أمام الاستثمار الأجنبي، ومن أبرزها السماح للمستثمر الأجنبي بالتملك الكامل في كافة القطاعات الاقتصادية ووفق كافة الأشكال القانونية للشركات، مع استثناء بعض الأنشطة ذات الأثر الاستراتيجي؛ وعدم اشتراط وجود وكيل من مواطني الدولة لافتتاح فروع للشركات الأجنبية الراغبة في مزاولة أنشطتها في الدولة؛ وعدم اشتراط أن يكون الرئيس وأعضاء مجلس الإدارة في الشركات المساهمة من مواطني الدولة؛ وإمكانية التملك الأجنبي الجزئي في الأنشطة الاقتصادية ذات الأثر الاستراتيجي وفق ضوابط محددة، وإمكانية مزاولة أعمال المصارف والتأمين لغير الشركات المساهمة وفق ضوابط محددة؛ وتعديلات أخرى فيما يخص انعقاد الجمعيات العمومية للشركات المساهمة وذات المسؤولية المحدودة.
القانون دخل حيز التنفيذ اعتباراً من أول يونيو 2021
وأكدت تقارير رسمية أن تطبيق هذه الخطوة المهمة جاء بعد دراسات متأنية مع اتخاذ العديد من الإجراءات التي تميزت بالحكمة وبُعد النظر لضمان نجاحها، وتحقيق الأهداف المرجوة منها، فعقب صدور المرسوم في شهر نوفمبر 2020 كثفت جميع الجهات المعنية الاتحادية والمحلية استعداداتها للتنفيذ الدقيق وفقاً لأفضل المعايير، حيث عقدت «لجنة الأنشطة الاقتصادية ذات الأثر الاستراتيجي» اجتماعات بهذا الشأن.
الأنشطة ذات الأثر الاستراتيجي
واعتمدت اللجنة خلال اجتماعها الثالث – الذي عقد عبر تقنيات الاتصال المرئي عن بعد – قائمة للأنشطة ذات الأثر الاستراتيجي، ورفعتها إلى مجلس الوزراء للنظر في إقرارها لتكون الأنشطة الواردة في القائمة مستثناة من إمكانية التملك الكامل من قبل المستثمرين الأجانب، بعد أن تم استعراض مرئيات الجهات المنظمة للأنشطة الواردة في القائمة، وتم بناءً عليها تقسيم القائمة إلى فئتين رئيستين وهما: فئة الأنشطة الخاضعة لموافقة ومتطلبات لجنة الأنشطة ذات الأثر الاستراتيجي، وفئة الأنشطة الخاضعة لموافقة ومتطلبات الجهات المنظمة لها ليتم تبعاً لذلك تحديد معايير وضوابط ونسب التملك الأجنبي في كل فئة، بينما تعد بقية الأنشطة الاقتصادية غير المصنفة ضمن قائمة «الأثر الاستراتيجي» مفتوحة للتملك الأجنبي الكامل دون قيود بموجب تعديلات قانون الشركات.
وأكد معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد، أن دولة الإمارات بفضل توجيهات قيادتها الرشيدة تخطو خطوات متسارعة نحو تعزيز انفتاح ومرونة اقتصادها وبيئتها الاستثمارية، وتعد الإصلاحات التشريعية التي تم إدخالها على قانون الشركات دفعة قوية نحو تحقيق هذا الهدف، حيث تمت إتاحة التملك الأجنبي في كافة الأنشطة والقطاعات بالدولة، باستثناء القطاعات ذات الأثر الاستراتيجي والتي تم تحديدها وحصرها في القائمة التي اعتمدتها اللجنة بما يراعي المصالح الوطنية للدولة وينسجم مع رؤيتها للتنمية المستقبلية.
وأشار معاليه إلى أن اللجنة عملت وفق أعلى مستويات التكامل والمشاركة بين مختلف الجهات الحكومية المعنية في الدولة على الصعيدين الاتحادي والمحلي لتحديد الأنشطة ذات الأثر الاستراتيجي، والتوصل إلى قائمة مدروسة ومحدودة تراعي المصالح الوطنية العليا وتتيح في الوقت نفسه كافة القطاعات الأخرى أمام التملك الكامل للمستثمر الأجنبي بهدف الارتقاء بمناخ الاستثمار في الدولة خلال المرحلة المقبلة وبما يدعم خطط الدولة واستعداداتها للخمسين عاماً المقبلة.
وأوضح معاليه أن اللجنة ستواصل عملها من خلال التقييم المستمر للقائمة وقياس أثرها على السوق بصورة دورية، والنظر في إضافة أو حذف أنشطة مختلفة إلى القائمة بما يتواءم مع الاستراتيجيات التنموية والمصالح الوطنية، وتتولى اللجنة مهمة النظر في طلبات ترخيص الشركات التي تباشر أياً من الأنشطة ذات الأثر الاستراتيجي لإصدار توصيتها بالموافقة أو الرفض تبعاً للمعايير والضوابط التي وضعتها اللجنة والجهات المنظمة في هذا الصدد، كما ستقوم اللجنة بمراجعة وتعديل هذه الضوابط كلما دعت الحاجة.
أنشطة تجارية وصناعية
وقررت دائرة التنمية الاقتصادية بأبوظبي تحديد 1105 أنشطة تجارية وصناعية مسجلة لديها لحق تملك ترخيصها الاقتصادي لغير المواطنين من أشخاص طبيعيين واعتباريين، بما يتيح لهم حق تملك الشركات التجارية بملكية تامة أو بأي نسبة لممارسة هذه الأنشطة على مستوى إمارة أبوظبي، وذلك استناداً إلى القوانين الاتحادية والمحلية والقرارات السابقة بهذا الشأن وخاصة المرسوم بقانون اتحادي رقم 26 لسنة 2020 في شأن تعديلات قانون الشركات التجارية.
أول شهور التطبيق شهد إقبالاً كبيراً من المستثمرين الأجانب
وقال معالي محمد علي الشرفاء، رئيس دائرة التنمية الاقتصادية بأبوظبي، إن قرار الدائرة قائمة الأنشطة الاقتصادية المتاحة للتملك الاجنبي يؤكد حرص حكومة إمارة أبوظبي على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعزيز بيئة أعمال تنافسية ومرنة، ومواصلتها إصدار المزيد من القرارات والمبادرات المحفزة للقطاع الخاص بما يعزز من مكانة الإمارة على خارطة الاستثمار العالمي، مؤكداً حرص دائرة التنمية الاقتصادية بأبوظبي على مواصلة تحسين بيئة الأعمال، من خلال تسهيل وتبسيط ممارسة الأعمال التجارية في الإمارة، وإزالة كافة الحواجز التي تواجه المشروعات الاستثمارية، من خلال تقليل الأعباء على منشآت الأعمال، بالإضافة إلى تقديم الحوافز وتطبيق المبادرات التي تزيد من فرص نجاح هذه المنشآت، وتحافظ على استمراريتها، بما يدعم نموها وتوسعها بشكل مستدام.
ووفقاً لقرار الدائرة بشأن الأنشطة المتاحة للتملك الأجنبي يتم تحديث جدول الأنشطة المتاحة للتملك وفقاً لقرارات مجلس الوزراء بتحديد الأنشطة ذات الأثر الاستراتيجي، حيث تسري هذه الأنشطة على الشركات المرخصة وفق التشريعات الصادرة الاتحادية والمحلية بشأن تنظيم ضوابط الترخيص وفقاً لنوع النشاط، ويحق للشركات القائمة تعديل أوضاعها بشرط الامتثال للائحة الأنشطة وفقاً للإجراءات المتبعة لدى الدائرة.
بيئة أعمال منفتحة
وقال سعادة سامي القمزي، مدير عام الدائرة الاقتصادية في دبي، إن اقتصاد الإمارات يتمتع بمستويات عالية من المرونة وببيئة أعمال منفتحة ومتطلعة إلى الخارج، ولدى الدولة علاقات تجارية واستثمارية عالمية قوية تمخضت من الرؤية الاستباقية الصائبة للقيادة الرشيدة التي أرست عبر عقود عوامل الانفتاح الاقتصادي والاستقرار، ووفرت بيئة جاذبة للمستثمرين، وتستمر الدولة على نهجها في سبيل تحقيق التنويع الاقتصادي والنمو المستدام عبر خلق فرص استثمارية جديدة ونوعية في مختلف القطاعات الاقتصادية الرئيسة والناشئة.
وأضاف قائلاً إنه من هذا المنطلق تم مراجعة ودراسة أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال واعتماد قائمة للأنشطة الاقتصادية ذات الأثر الاستراتيجي بما يواكب خطة الخمسين، وتتضمن اللائحة عدداً محدوداً من الأنشطة التي يتم استثناؤها من إمكانية التملك الكامل لشركاتها ومشروعاتها في الدولة من قبل المستثمرين الأجانب، الأمر الذي سيحد من ظاهرة التستر التجاري ويساعد في تسريع إجراءات ومراحل تحرير القطاعات الأخرى أمام الاستثمار الأجنبي، ويفتح بذلك فرصاً جديدة في القطاعات الأخرى لخلق شراكات حقيقية بين المستثمر الأجنبي والمستثمر الوطني، بما يعزز من تدفقات رؤوس الأموال وزيادة عدد المشروعات الاستثمارية الجديدة التي تدعم أهداف الدولة الاستراتيجية وتراعي مصالح المستثمرين.
وقررت الدائرة الاقتصادية بدبي إتاحة التملك الكامل للمستثمرين الأجانب في أكثر من 1000 نشاط تجاري وصناعي في الإمارة اعتباراً من بداية يونيو الماضي، موضحة أن القرار لا ينطبق على الأنشطة المهنية وقائمة من الأنشطة الاقتصادية ذات الأثر الاستراتيجي تضم سبعة قطاعات فقط، وأصدرت الدائرة دليلاً إرشادياً يوضح إجراءات التملك الكامل للمستثمرين الأجانب وفقاً للمرسوم بقانون اتحادي رقم 26 لسنة 2020 في شأن تعديلات قانون الشركات التجارية.
وأكدت أن القرار يعزز الجاذبية الاستثمارية لدولة الإمارات ويرسخ مكانتها المتقدمة على خارطة الأعمال الدولية بما يتكامل مع المميزات التنافسية التي تتمتع بها دبي كوجهة استثمارية مثالية، موضحة أن المرسوم يسهم بشكل مؤثر في تسريع مسيرة التعافي الاقتصادي خلال الفترة المقبلة، ويشكل إضافة حيوية لما حققته دبي من تصنيفات متقدمة على مؤشرات التنافسية العالمية في مجال الاستثمار وجذب رؤوس الأموال وأهم التقارير الدولية المعنية بسهولة مزاولة الأعمال وتوسع الشركات.
وأوضحت اقتصادية دبي في دليلها الإرشادي أن المستثمرين الأجانب الراغبين في الاستفادة من القرار يمكنهم القيام بالإجراءات الخاصة بالتملك الكامل لأعمالهم من خلال قنوات الخدمة التابعة للدائرة بالإضافة إلى منصة «استثمر في دبي»، مشيرة إلى عدم وجود أي تغيير على إجراءات واشتراطات ترخيص الأنشطة باستثناء إلغاء شرط الشريك المواطن وعدم تحديد نسبة حصص ثابتة للشريك المواطن للأنشطة التجارية المحررة.
ووفقاً للدليل الإرشادي لا توجد حاجة لأي ضمانات للتراخيص التجارية بالنسبة للمستثمر الأجنبي وعدم اشتراط وجود رأس مال محدد، كما لن يكون هناك أي رسوم إضافية يتوجب على المستثمر الأجنبي تسديدها حال امتلاكه الكامل للرخصة، مشيراً إلى أنه لا يمكن تغيير الشكل القانوني من ذات مسؤولية محدودة إلى مؤسسة فردية حسب القانون، لكن يمكن تحويل الرخصة إلى شركة الشخص الواحد ذات مسؤولية محدودة. وأوضحت الدائرة أن قرار التملك الكامل للأجانب لا ينطبق على الوكالات التجارية باعتبارها منظمه بقانون آخر هو قانون الوكالات التجارية. وأشارت إلى أن فروع الشركات الأجنبية لا تتطلب و
+974 4450 2111
info@alsayrfah.com