26 - أكتوبر - 2025

   

429.1 مليار ريال إجمالي الموجودات بالمصارف الإسلامية

تعد البنوك الإسلامية التي تتعامل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية من أقل المؤسسات المالية والمصرفية التي قد تكون عرضة لتأثيرات واضحة نتيجة للأزمات والمتغيرات الاقتصادية التي قد تطرأ على الاقتصاد العالمي والتي يكون لها انعكاسات على الاقتصادات المحلية للدول، ولعل الأزمة المالية العالمية المسجلة في العام 2008 كانت خير دليل على نجاح البنوك الإسلامية في مواجهة كافة التأثيرات التي برزت على مستوى الجهاز المصرفي العالمي، خاصة أن الأزمة المالية كانت نتيجة لوجود بذور الأزمات في النظام المالي العالمي القائم على الرأسمالية.

وتشير تقديرات «لوسيل» إلى أن البنوك الإسلامية والمؤسسات المالية المتعاملة وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية ستكون الأقل تضررا من تبعات الأزمة العالمية التي يمر بها الاقتصاد العالمي حاليا نتيجة تفشي فيروس كورونا المستجد والمعروف اختصارا بفيروس "كوفيد 19"، حيث تمكنت البنوك الإسلامية التي تنشط بشكل أساسي في الدول العربية إلى جانب بعض الدول الآسيوية وعدد من الدول الأوروبية، من تكوين أنظمة مالية متميزة تستند في أصلها إلى المعاملات التجارية والمالية الإسلامية بدرجة أولى بالإضافة إلى تماشيها مع التطورات المالية والمصرفية والاقتصادية العالمية، مع تركيزها على العمل بمعايير محاسبية تضمن الربحية لطرفي المعاملات وهما البنك الإسلامي من جهة والمساهم أو العميل أو كليهما، مع العمل بشكل متحفظ من خلال عدم الدخول في استثمارات ذات مخاطرة عالية، والتي قد تشكل تهديدا للمراكز المالية لتلك البنوك الإسلامية وتجعلها عرضة للانكشافات على عدد من القطاعات المختلفة.

مصارف الدولة 

تعمل في الدولة خمسة بنوك إسلامية، أربعة منها مدرجة في بورصة قطر وهي مصرف قطر الإسلامي المعروف اختصارا باسم "المصرف"، وبنك قطر الدولي الإسلامي، ومصرف الريان وبنك قطر الأول المتخصص بدرجة أولى في المجالات الاستثمارية، ويضاف إليهم بنك بروة الذي يعل ضمن الجهاز المصرفي القطري، وأصبح من أكبر البنوك الإسلامية من حيث الأصول خاصة بعد أن أنهى عملية الاندماج مع بنك قطر الدولي بنجاح كبير، وتشير التوقعات أن يحقق توسعات كبيرة خلال الفترة المقبلة نتيجة لتوسع قاعدة رأس المال وارتفاع الأصول والموجودات لدى البنك.

أما على المستوى العالمي، فتشير الإحصائيات العالمية إلى أنه يوجد نحو 155 مصرفا عربيا إسلاميا بالكامل، موزعين على الدول العربية على الشكل التالي: 37 مصرفاً في السودان، 26 مصرفاً في البحرين، 18 مصرفاً في العراق، 8 مصارف في الإمارات، 7 مصارف في اليمن، 6 مصارف في كل من الكويت وموريتانيا والصومال، 5 مصارف في قطر ولبنان، 4 مصارف في كل من السعودية، ومصر، والأردن، وجيبوتي، 3 مصارف في كل من فلسطين وتونس وسوريا، ومصرفين في كل من سلطنة عُمان، والجزائر، والمغرب، في تعمل العديد من البنوك الإسلامية العاملة في الدول الأوروبية، ولعل أبرزها الموجود في بريطانيا حيث تعمل هناك البنوك الإسلامية إما بشكل مباشر من خلال بنك بالكامل أو من خلال نوافذ بنكية ومصرفية إسلامية، بالإضافة إلى عدد من النوافذ المصرفية الإسلامية في فرنسا وأخرى في سويسرا، وألمانيا ولوكسمبورغ وأيرلندا وروسيا.

خدمات مالية 

ويستقطب قطاع الخدمات المالية والمصرفية الإسلامية حول العالم العديد من الكوادر والموظفين والذين أغلبهم عملوا في المؤسسات المالية والمصرفية والبنكية التقليدية، حيث تشير التقديرات الأولية إلى أن عدد العاملين في المؤسسات المالية الإسلامية حول العالم قد تجاوز نحو 250 ألف موظف أكثر من نصفهم يعمل بمنطقة الشرق الأوسط نتيجة لوجود العدد الأكبر من البنوك والمؤسسات المالية التي تتعامل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية هي موجودة في المنطقة العربية وعلى وجه الخصوص منطقة الشرق الأوسط بدرجة أكبر.

وتشير التقديرات العالمية الأولية إلى أن إجمالي قيمة الأصول المالية الكلية للتمويل الإسلامي على مستوى العالم يصل إلى 2.43 تريليون دولار، منها 1.72 تريليون دولار أصولا للبنوك والصيرفة الإسلامية، ويتوقع أن ترتفع تلك الأصول خلال الأيام القليلة المقبلة، حيث من المتوقع أن ترتفع بنسبة لا تقل عن 56% لتبلغ 3.8 تريليون دولار بحلول عام 2023، منها 2.44 تريليون دولار أصولا للبنوك الإسلامية بدرجة أولى.

دعم الاقتصاد 

أما على المستوى المحلي، فإن البنوك الإسلامية العاملة في الدولة تساهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد الوطني وخاصة الجهاز المصرفي بقيمة مصرفية مضافة، من خلال إتاحة المجال أمام مختلف العملاء لاختيار حزمة من الخدمات البنكية والمصرفية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية بالإضافة إلى أن تلك الخدمات تواكب كافة التطورات سواء التطورات المتعلقة بالمجالات التكنولوجية أو حتى المجالات المصرفية بشكل كبير إما على مستوى الإيداع أو حتى على مستوى التمويل وحتى على مستوى الاستثمارات.

وقد انعكس الأداء المتميز لتلك البنوك على إجمالي الأصول المصرفية والبنكية الإسلامية التي تسجل من عام إلى آخر نموا موسعا، حيث تقدر الموجودات المصرفية والبنكية الإسلامية بما لا يقل عن 429.1 مليار ريال بنهاية شهر فبراير من العام الجاري بما يعادل تقريبا نحو 117.8 مليار دولار أمريكي، مسجلة ارتفاعا بما لا يقل عن نحو 78.5 مليار ريال مقارنة بالمستوى المسجل بنهاية شهر فبراير من العام الماضي، حيث كانت تقدر موجودات البنوك الإسلامية بنحو 350.6 مليار ريال بما يعادل نحو 96.31 مليار دولار أمريكي، مسجلة بذلك نسبة نموا على أساس سنوي تساوي نحو 22.39%. واستحوذت الأصول المصرفية الإسلامية على 27.81% بنهاية شهر فبراير من العام الجاري من إجمالي الأصول والموجودات المصرفية في الجهاز المصرفي القطري، في حين كانت تستحوذ على ما نسبته 25.30% بنهاية نفس الفترة من العام الماضي، وهو ما يعكس النمو الكبير والتوسع الملحوظ على مستوى البنوك والمصارف التي تتعامل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، وتقدم العديد من الخدمات المصرفية الإسلامية التي تواكب التطورات التكنولوجية في المجالات المصرفية.

ودائع البنوك 

وبلغ مستوى الودائع لدى البنوك الإسلامية بنهاية شهر فبراير من العام الجاري نحو 253.9 مليار ريال بما يعادل تقريبا نحو 69.75 مليار دولار أمريكي، في حين كانت تقدر بنحو 210.8 مليار ريال بنهاية شهر فبراير من العام الماضي بما يعادل نحو 57.91 مليار دولار أمريكي، مسجلة نسبة نمو على أساس سنوي يساوي 20.44%. وفي المقابل فقد بلغ إجمالي التمويلات التي قدمتها البنوك الإسلامية بنهاية شهر فبراير من العام الجاري نحو 295.4 مليار ريال بما يعادل نحو 81.15 مليار دولار أمريكي، في حين قدرت التمويلات التي منحتها تلك البنوك خلال نفس الشهر من العام الماضي نحو 246.1 مليار ريال بما يعادل نحو 67.1 مليار دولار، مسجلة نسبة نمو على أساس سنوي تساوي 20.03%، حيث قامت تلك البنوك الإسلامية بتقديم العديد من التمويلات لمختلف القطاعات الاقتصادية خاصة في المشاريع المتعلقة بالبنية التحتية في الدولة، بالإضافة إلى تقديم التمويلات للأفراد والعملاء في إطار التمويلات الاستهلاكية، حيث تصدر هذا القطاع طليعة الترتيب من حيث التمويلات الممنوحة والتي قدرت بنحو 67.5 مليار ريال، يليها القطاع العقاري بنحو 52.2 مليار ريال، في حين بلغت قيمة التمويلات الممنوحة من قبل البنوك الإسلامية للقطاع العام نحو 75.8 مليار ريال والتي سجلت نموا ملحوظا مقارنة بالعام الماضي.

موجودات إسلامية 

إلى ذلك، فقد نوه قاسم قاسم الرئيس التنفيذي الأسبق لأحد المصارف الإسلامية العاملة في الدولة والخبير المصرفي إلى أهمية التطور الذي أحرزته الصيرفة الإسلامية في الدولة، وتابع قائلا في حديثه لـ«لوسيل» إنه من الجيد أن تكون الموجودات الإسلامية قد تجاوزت 25 بالمائة بعد مرور قرابة أربعة عقود على تأسيس أول بنك إسلامي في قطر وهذا يظهر أن الصيرفة الإسلامية قد أخذت موقعها لسلامة الأسس التي قامت عليها أما المخاطر فيجب أن نلاحظ أن المخاطر هي ذاتها هنا وهناك ولكن من الإنصاف القول إن المودع في البنوك الإسلامية يشارك أصحاب رأس المال في تحمل المخاطر وهذا يخفف الضغط نسبيا على رأس المال المخاطر إذا ما تمت مقارنته بالصيرفة التقليدية.. وتابع قائلا «هناك أمر آخر هو أن قيام البنوك الإسلامية بتنويع أسلوب تمويل المشروعات بإدخال الصكوك هو في حد ذاته تمرير المخاطرة إلى حامل الصك وليس للبنك المصدر».

إدارة المخاطر 

وفيما يتعلق بالتحفظ الذي تنتهجه البنوك الإسلامية بشكل عام في إطار إدارة المخاطر من خلال فرض بعض القيود على عدد من المعاملات الرأسمالية التي تنتهجها البنوك التقليدية، أوضح أن القيود التي تفرضها البنوك الإسلامية تتساوى إلى حد ما مع القيود التي تفرضها البنوك التقليدية لإدارة المخاطر باستثناء أن بعض أساليب التمويل والاستثمار قد لا تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية ويتم الابتعاد عنها فقط لهذا السبب.. وتابع قائلا «ولكن فإن البنوك الإسلامية إذا طبقت مبدأ الغنم بالغرم فسوف تتحمل نسبيا مخاطر أعلى من المخاطر التقليدية لأن المشروع إذا فشل فسوف يتحمل البنك الإسلامي - نظريا على الأقل - حصته من هذا الفشل. يعني الموضوع باختصار شديد هو كبير ويحتاج إلى لقاءات ومؤتمرات توضع أمامها أرقام وتجارب واقعية من أعمال البنوك الإسلامية في الشرق والغرب ويتم تقييم التجربة على ضوء توافق المنتجات مع الأهداف التي تضعها البنوك الإسلامية أمام جمهورها وأمام الجهات الرقابية».

وعن نصيحته إلى البنوك الإسلامية خلال الفترة الحالية لتجاوز الضغوطات نتيجة فيروس كورونا قال إنه على تلك البنوك الاستمرار في التحفظ والعناية القصوى في اختيار الأصول وعدم الانسياق للربح السريع دون الالتفات لأثر كل قرار قصير الأجل على الأداء في المدى الطويل، بالإضافة إلى الاحتفاظ بنسبة عالية من السيولة لمواجهة طلبات المودعين إن طالت الأزمة.

+974 4450 2111
info@alsayrfah.com