قطر مركز مالي إسلامي إقليمي
قالت مجموعة أوكسفورد بيزنس غروب البريطانية للأبحاث: إن قطر تعد مركزاً مالياً إسلامياً رئيسياً في منطقة الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن ارتفاع حدة المنافسة بالسوق القطرية لم يمنع المؤسسات المالية الإسلامية من الفوز بحصة سوقية جيدة وإثبات حضورها في السوق القطري ويستمر هذا النمو رغم الحصار المفروض على الدولة منذ الخامس من يونيو 2017 الأمر الذي يعكس جودة البيئة التشغيلية والهيكل التنظيمي المتميز للقطاع المالي الإسلامي في قطر.
واعتبر تقرير صادر عن المجموعة أن صناعة الخدمات المالية الإسلامية تعتبر مكونا أساسيا من مكونات النظام المالي القطري منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي. وكان ذلك عندما تم إنشاء أول بنك إسلامي، ومنذ ذلك التاريخ تنمو تلك الصناعة في قطر بمعدلات متزايدة. ووفق الإحصائيات المتاحة فإن أصول المؤسسات المالية الإسلامية حققت معدل نمو % 11 سنويا بين عامي 2012 و2017 وهو معدل يفوق ما حققته نظيرتها التقليدية.
وتعمل في قطر 4 بنوك إسلامية وطنية تستحوذ على نحو % 25 من أصول القطاع المصرفي القطري، ففي سبتمبر 2018 بلغت أصول المؤسسات المالية الإسلامية في قطر 348 مليار ريال.
وحققت شركات التامين وإعادة التأمين الإسلامية (شركات التأمين التكافلي) نموا كبيرا خلال نفس الفترة، وأصبحت قطر صاحبة ثاني أكبر سوق للتأمين التكافلي (الإسلامي) بين دول مجلس التعاون، وتشكل الصكوك الإسلامية % 18 من أصول المؤسسات الإسلامية بفضل ارتفاع نسبة الصكوك السيادية. ويعد قطاع إدارة الأصول وفقا لأحكام الشريعة – الذي تلعب فيه الصكوك دورا رئيسيا- أكثر قطاعات الاقتصاد الإسلامي نموا في قطر فيما تتمتع قطر بمزايا تنافسية عديدة تساعد على جذب الشركات المالية الإسلامية منها السماح بملكية أجنبية كاملة للشركات وخفض الضرائب وتسهيل إنشاء الشركات. كما أن قطر تعد سوقا واعدة غير مستغلة على نحو كافٍ بعد في مجال الخدمات المالية الإسلامية.
منافسة حادة
وقال التقرير: إن البنوك الإسلامية في قطر تعمل في بيئة تتميز بالمنافسة الحادة حيث تتنافس مع سبعة بنوك تقليدية وتأتى المنافسة أيضا من سبعة بنوك أجنبية تعمل في قطر منذ أكثر من 50 عاما. وبعضها عالمي مثل ستاندرد تشارترد. وهناك بنوك أخرى تمارس نشاطها من خلال مكاتب تمثيل صغيرة مستغلة البيئة التنظيمية المتميزة التي تتمتع بها قطر.
وفي عام 2011 أعلن مصرف قطر المركزي أنه لن يسمح للبنوك التقليدية بتشغيل نوافذ إسلامية وساعد ذلك البنوك الأربعة الإسلامية الناشئة وقتها على أن تقوى ويشتد عودها وتثبت وجودها على الساحة المصرفية حيث تمكنت من تقديم مجموعة من الخدمات المتكاملة وفقا لأحكام الشريعة ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتقديم خدمات التمويل العقاري والاستثمارات وإدارة الأصول وغيرها.
وبات وضع البنوك الإسلامية الأربعة على وشك أن يتغير، ففي نهاية أغسطس 2018 أعلن كل من بنك بروة وبنك قطر الدولي (ibq) عن توقيع اتفاقية اندماج نهائية تهدف إلى دمج وتوحيد أعمالهما لتثمر عن تكوين كيان بنكي رائد متوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، لديه من السيولة والملاءة المالية ما يمكّنه من المساهمة بقوة في الاقتصاد الوطني، من خلال تمويل المشروعات التنموية التي تساعد على تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030 وبموجب هذه الاتفاقية سيعمل البنكان على استكمال الخطوات اللازمة لإتمام عملية الاندماج والحصول على الموافقات المطلوبة من الجهات الرقابية وسينتج عن عملية الاندماج كيان مشترك مجموع أصوله 80 مليار ريال قطري، وبقاعدة حقوق المساهمين تزيد على 12 مليار ريال قطري، مما يدعم التنمية الاقتصادية في دولة قطر من خلال إنشاء شريك استراتيجي للحكومة والقطاع العام مع المساهمة في نمو القطاع الخاص والشركات الصغيرة والمتوسطة ومن شأن حدوث هذا الاندماج تغيير مشهد الصيرفة الإسلامية في قطر.
معدلات نمو
وبحسب التقرير فقد حققت البنوك الإسلامية في قطر معدلات نمو تفوق ما حققته البنوك التقليدية.. ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه خلال السنوات القادمة كما أن البنوك الإسلامية في قطر كانت أقل انكشافا على التداعيات المالية المتعلقة بالحصار المفروض على الدولة لأن معظم معاملاتها تتركز في السوق القطري ودول العالم من غير دول الحصار. وعلى سبيل المثال، حقق مصرف قطر الاسلامي «المصرف» نموا قياسيا بواقع % 14.8 في أرباحه خلال الربع الثاني من 2018. وفي الشهور التسعة الأولى من 2018 أظهر قطاع البنوك الإسلامية في قطر قدرا مماثلا من الصلابة. حيث زادت أرباح هذه البنوك ودون أي تراجع في المؤشرات الرئيسية للاستقرار المالي.
الإطار التنظيمي
ووفق التقرير فإن البنوك الإسلامية في قطر تعمل بحسب نفس الإطار التنظيمي الذي تعمل فيه البنوك التقليدية وتخضع لرقابة مصرف قطر المركزي وعلى مستوى قطاع التأمين التكافلي فإن هناك خمس شركات وطنية تكافلية وبلغ مجموع ما حصلته تلك الشركات من أقساط في عام 2017 نحو 178 مليون دولار من أصل 3.6 مليار دولار لشركات التأمين في قطر.
وتتمتع شركات التأمين التكافلي (الإسلامي) في قطر عموما بقدرة تنافسية عالية في مواجهة المنافسة الحادة في سوق التأمين القطرية وعلى الرغم من الحجم الصغير للسوق المحلي، فقد حققت شركات التأمين التكافلي القطرية نجاحا في الوصول إلى تواجد دولي واسع.. ويتركز نشاط شركات التأمين الإسلامي في قطر –كما هو الحال في باقي مجلس التعاون– في قطاع التامين العائلي بشكل رئيسي مع عدد من المجالات الأساسية مثل تأمينات السيارات والعقارات والحوادث والتأمين البحري والجوي.
ويشير التقرير إلى أنه حتى فترة قريبة نسبياً كان أصحاب الثروات من الأفراد والشركات الذين يودون إيداع ثرواتهم لدى صناديق لإدارة الثروات تعمل وفق أحكام الشريعة لا يجدون مجالًا كافيًا لاستثمار أصولهم، غير أن المشهد تغير بعد دخول شركة كيو انفست إلى العمل في السوق المحلي فقد أدى اقتحام هذه الشركة للسوق إلى المزيد من النمو في قطاع الاستثمار الإسلامي وزادت من الخبرات والإمكانيات المحلية في قطاعات عديدة مثل البنوك والاستشارات الاستثمارية وخدمة البنك الخاص والسمسرة. وعلى مدى العقد الماضي أصبحت شركة كيو انفست واحدة من كبرى مؤسسات التمويل الإسلامي في العالم حيث تتسع أعمالها لتشمل الشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا.
وكان لهذه الشركة الفضل في إنشاء مجموعة من المشاريع الرائدة مثل صندوق للاستثمار في أسواق المال وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية بالاشتراك مع بنك فورتيس الهولندي.
وبالإضافة إلى البنوك المتخصصة في الاستثمار الإسلامي، تقدم البنوك القطرية الإسلامية خدماتها لعملائها من الأفراد والمؤسسات مجموعة متنوعة من الخدمات الاستثمارية المتوافقة مع أحكام الشريعة مثل صناديق الاستثمار.
كما تم إطلاق مؤشر بورصة قطر الريان الإسلامي في 7 يناير 2013. ويرتكز المؤشر على سيولة الأسهم المتاحة للتداول وقيمة رسملتها السوقية وذلك فقط لأسهم الشركات المدرجة في البورصة والتي تكون متوافقة مع الشريعة وفقاً لرأي هيئة الرقابة الشرعية في مصرف الريان. ويتمحور الهدف من وراء هذا المؤشر في دعم إطلاق صناديق الاستثمار المتداولة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية ويعتبر مؤشر بورصة قطر الريان الإسلامي أحد مؤشرات العائد الإجمالي حيث يعكس الأداء السعري بالإضافة إلى الإيرادات المتحصّلة من إعادة استثمار توزيعات أرباح أسهم الشركات المدرجة.
وفي مارس 2018 شهدت بورصة قطر إدراج صندوق الريان قطر المتداول، الذي يتم تداوله تحت الرمز «QATR»، ويتبع الصندوق مؤشر بورصة قطر الريان الإسلامي (السعري) الذي يتألف من الشركات القطرية المدرجة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية ويُعدّ صندوق الريان قطر المتداول أكبر صندوق استثماري إسلامي متداول مدرج في دولة واحدة وهو أحدث إضافة إلى قائمة صناديق الاستثمار المتداولة في سوق بورصة قطر، وهو يستند في منهجيته المتوافقة مع الشريعة الإسلامية لاختيار أسهم المؤشر الذي سيتبعه على إجازة من هيئة الرقابة الشرعية لمصرف الريان.
الصكوك الإسلامية
وعلى مستوى الصكوك الإسلامية يرى التقرير أن قطر لعبت دورا رئيسيا في تطوير صناعة الصكوك في السنوات الأخيرة، وفى عام 2017 شكلت الصكوك % 18 من الأصول المالية الإسلامية في قطر ومنذ إصدارها أول صكوك سيادية في 2003 أصبحت الحكومة المصدر الأول في قطر لصكوك الدين المتوافقة مع أحكام الشريعة. وفي 2013 تغيرت سياسة الإصدارات المنفردة والتي تخصص لغرض معين إلى الإصدار المنتظم للصكوك التي تصدر بصفة ربع سنوية وبفترات استحقاق تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات. وكان لهذا التطور مزايا عديدة منها زيادة خيارات السياسة النقدية ودعم إصدار الصكوك بالعملة الوطنية. وتقول الإحصائيات: إن الحكومة أصدرت % 73 من الصكوك الإسلامية في قطر بين 2013 و2018 وبالإضافة إلى الحكومة القطرية كانت البنوك الإسلامية أكثر المؤسسات انتظاما في إصدار الصكوك، وتسعى البنوك إلى تسويق هذه الصكوك خارج قطر أيضا في أسواق المال الخارجية.
وتلعب قطر دورا رئيسيا في سوق الصكوك العالمية من خلال عضويتها في «المؤسسة الإسلامية الدولية لإدارة السيولة النقدية» التي تأسست عام 2010. ويقع مقرها في ماليزيا وتضم عددا من الدول الإسلامية مثل إندونيسيا والكويت وبعض الدول غير الإسلامية مثل لوكسمبورج التي تهدف إلى تطوير الأوراق المالية الإسلامية.
واختتم التقرير قائلا: «كانت هناك عدة عوامل وراء التوسع في حجم الأصول المتوافقة مع الشريعة الإسلامية منها كأس العالم عام 2022 المقرر إقامته في قطر واستقرار أسعار الطاقة.. وتتوقع وكالة «ستاندرد آند بور» العالمية للتصنيف الائتماني أن تحقق البنوك الإسلامية في قطر معدل نمو يتراوح بين % 4 و %5 خلال 2019.المؤسـســات المالية الإسـلامية تسـتحوذ على حصة سـوقيـة جيدة رغم المنـافســةشركات التأمين التكافلي تحقق نمواً كبيراً ولديها حضور دولي كبير.
+974 4450 2111
info@alsayrfah.com