19 - مايو - 2024

البنوك الخليجية تتجه نحو الاندماج

ما بين الإصلاحات الهيكلية وتنوع الأنشطة الاقتصادية، اتخذ القطاع المصرفي الخليجي خطوات جادة نحو دمج بعض مصارفه ومؤسساته المالية، وتشكيل تكتلات اقتصادية كبرى تمتلك أدوات وإمكانات تعزز من قدرتها التنافسية عالمياً.

ففي ديسمبر 2016، أعلن كل من مصرف الريان وبنك بروة وبنك قطر الدولي "IBQ"، نيتهم بشأن احتمال دمج أعمالهم لتثمر تكوين كيان بنكي قوي يعمل بكفاءة أعلى، ولديه من السيولة والملاءة المالية ما يمكنه من المساهمة بقوة في الاقتصاد الوطني، من خلال تمويل المشروعات التنموية التي تساعد على تحقيق رؤية قطر 2030.

كما قالت مصادر قطرية مطلعة، في مارس 2016، إن ثلاثة بنوك قطرية هي الخليجي والأهلي وقطر الدولي، بدأت في المراحل الأولى لمباحثات بشأن عملية اندماج قد تضم أصولاً بقيمة تتجاوز 30 مليار دولار، ومن ثم ستنعكس عملية الدمج ليصبح البنك الجديد منافساً للبنك التجاري ثالث أكبر بنك في البلاد من حيث الأصول، وفق ما نشرته وكالة رويترز.

وفي يوليو 2016، وافق مجلس إدارة بنكَي "الخليج الأول" و"أبوظبي الوطني"- بالإجماع- على اندماج المصرفين بإجمالي أصول نحو 642 مليار درهم إماراتي (175 مليار دولار).

الخطوات الجادة التي اتخذتها البنوك الخليجية دفعتنا للتساؤل عن كنه الدمج وأهميته في ظل العولمة التي باتت تستحكم بقواها كل مناحي الحياة.

- ماذا يعني دمج المصارف؟

الدمج هو اتفاق بين مصرفين أو أكثر على ضم كل مواردهما، واتحادهما في وحدة واحدة بحيث يصبح الناتج كياناً واحداً له شخصية اعتبارية مستقلة عن المصارف التي اندمجت، وفقدت من ثم شخصيتها الاعتبارية المستقلة.

ونظراً للصعوبات التي يمر بها التعاون والتنسيق الاقتصادي المصرفي العربي، فإن مجال الدمج لا يتجاوز البلد الواحد، فعلى سبيل المثال من الصعب الدمج بين مصرف مصري وآخر تونسي أو خليجي، نظراً لاختلاف الخلفيات القانونية لكل بلد، لذلك كان من الأيسر الدمج بين مصرفين داخل البلد الواحد كمرحلة أولى، ثم يفكر بعد ذلك في الدمج مع بلدان أخرى.

- فوائد الدمج

دمج بنكين فأكثر يدفع نحو تعزيز قوتهما المالية، ومن ثم تعزيز قدرتهما على مواجهة التحديات الاقتصادية الكبيرة، خاصةً التكتلات الاقتصادية العملاقة كالاتحاد الأوروبي، واتحاد دول شمال أمريكا للتجارة الحرة (النافتا)، والتكتل الآسيوي الباسيفيكي الاقتصادي (APEC).

ودفعت التكتلات الأوروبية باقي المؤسسات الاستثمارية والوحدات المصرفية الصغيرة إلى التفكير في اتخاذ قرار الدمج، لمواكبة آخر المستحدثات التكنولوجية المصرفية، والتي يصعب مواجهتها منفردة أو بقدرتها المالية الحالية.

كما أن الدمج يعزز من قدرة البنوك على مواجهة التذبذبات الاقتصادية التي تحدث بين فينة وأخرى، تحول بين البنوك محدودة القدرة الرأسمالية وبين معالجتها، بالإضافة إلى تحقيق خفض لإجمالي النفقات لزيادة الإنتاج وانخفاض التكلفة.

- الاستغناء عن خدمات البنوك العالمية

نجاح البنوك الخليجية وإتمامها عمليات الدمج، يخلق كيانات مصرفية قوية، تعزز من حجم العمليات الكبرى، والتي غالباً ما كانت توكل للمصارف العالمية، ومن ثم فإن الكيانات المصرفية الجديدة ستعمل على زيادة كفاءة القطاع المصرفي وتخفيض التكاليف، وكسب ثقة المستثمرين، فيعود بزيادة وتنوع في السيولة المالية، ومن ثم تنعكس هذه السيولة في تمويل المشروعات التنموية بالدولة، فتزداد معها ربحية المساهمين.

التجربتان القطرية والإماراتية ستدفعان باقي البنوك إلى اتخاذ خطوات مماثلة، أو على الأقل فتح مجالات للنقاش بين البنوك الصغيرة المنتشرة بكثرة في البلدين، وتتعرقل عند حدوث أزمات اقتصادية، وهو ما بدا واضحاً في انهيار أسعار النفط مؤخراً.

- البنوك الإسلامية الخليجية

وبدمج البنوك القطرية، فإن البنوك الإسلامية تسعى إلى فكرة الدمج أيضاً، خاصةً أن غالبية الخبراء أكدوا أنه من بين القطاعات الأكثر حاجة إلى عمليات الاندماج تمهيداً لتشكيل كيانات أكبر يجعله قادراً على مواكبة البنوك الأخرى.

وفي تقرير نشرته وحدة الإكونومست إنتلجانس أشارت فيه إلى أن توقيت دمج البنوك في أبوظبي مثالي، لافتة إلى أنه من الأسهل على بنوك أبوظبي، التي ما زالت تعتمد على الودائع الحكومية، أن تنمو عبر الاستحواذ على بنوك أخرى منافسة قوية تتمتع بسجل قروض حافل، وحقوق امتياز ناجحة، وفق ما نشرته في يوليو 2016.

وتشهد دول التعاون الخليجي إصلاحات هيكلية كبيرة، تهدف إلى تنويع الأنشطة الاقتصادية وإيجاد فرص عمل في القطاع الخاص، ومن ثم فإن القطاع المصرفي يعد أحد الأطراف المعنية الرئيسية، عبر رعاية المشروعات والأنشطة مواكباً لعمليات الإصلاح الهيكلي في باقي قطاعات الدول الخليجية.

+974 4450 2111
info@alsayrfah.com