05 - مايو - 2024

وجهة نظر: الهيكل المالي للمصارف الإسلامية... نموذج مقترح اقرأ المزيد

عندما أسست المصارف الإسلامية قبل أكثر من 4 عقود، وفي ظل شح الدراسات عن تركيبة مصادر الأموال والاستخدامات، اضطرت إلى محاكاة النموذج المالي للمصارف التقليدية، الذي يتكون في جانب الأصول، من أصول معظمها ذات طابع مالي مثل القروض التجارية والشخصية والسندات، وما شابه ذلك، حيث إن المصارف الإسلامية لا يجوز لها أن تتعامل بعمليات الإقراض والتمويل بالفائدة المحرّمة شرعا، اتجهت إلى الاستثمار في الأصول الاستثمارية، وأغلبها عقارات وبضائع وأسهم في شركات إسلامية أو متوافقة مع الشريعة، وهنا نشأت مشكلة المواءمة بين المصادر والاستخدامات. ففي جانب مصادر الأموال، فإن معظم هذه المصادر ودائع وحسابات توفير وحسابات جارية، وكلها ذات طابع قصير الأجل، بينما الأصول جزء كبير منها ذو طابع طويل الأجل، مثل العقارات وتحمّل مخاطر الانخفاض في القيمة. والجزء الآخر أصول ذات طابع متوسط أو قصير الأجل، لكنها تحمل أيضا مخاطر الانخفاض في القيمة. وفي ظل هذا الوضع أصبحت المصارف الإسلامية تواجه مخاطر تحقيق خسائر في حال انخفضت قيم هذه الأصول، وبالتالي قد تضطر إلى تحميل هذه الخسائر على الودائع الاستثمارية وحسابات التوفير الاستثماري. وفي ظل هذا الوضع، وحفاظا على أموال المودعين، ألزمت المصارف المركزية المصارف الإسلامية بنسب سيولة، مما اضطر الأخيرة إلى تخفيض الأصول ذات المخاطر وزيادة الأصول ذات الطابع المالي، مثل عمليات المرابحة والصكوك وعمليات الاستصناع والتورّق وبيع الأجل، لكن القوانين ومعايير البنوك المركزية سمحت للمصارف الإسلامية بالاستمرار في اقتناء الأصول ذات المخاطر، لكن بدرجة أقل من السابق، ومع ذلك استمرت المصارف الإسلامية في محاولاتها لإقناع المشرعين والمصارف المركزية للسماح لها بالتوسع في الأصول ذات المخاطر، نظرا لضيق فرص الاستثمار البديلة أمامها، ولا يزال هذا الوضع غير مستقر إلى يومنا هذا. وفي هذه الورقة، نسعى إلى اقتراح نموذج يناسب المصارف الإسلامية، ويقلل المخاطر التي يمكن أن تتعرّض لها الودائع بمختلف أنواعها. هذا النموذج ليس من المتوقع أن تتحفّظ عنه المصارف المركزية كسلطات رقابية، حيث إنه يعزز وضع السيولة في المصارف الإسلامية، ويتلخص هذا النموذج في أن تتكون استثمارات المصارف الإسلامية من الأصول ذات الطابع المالي قليلة المخاطر، أما الاستثمار في الأصول ذات المخاطر المتوسطة أو العالية، فيمكن أن يتم من خلال إنشاء صناديق خاصة لكل نوع من أنواع الأصول خارج ميزانية البنك. فيكون لدى البنك صناديق للاستثمار العقاري وأخرى للصناعي والاستثمار في الأسهم والتجارة والزراعة وغيرها، وحيث إن المكتتب في وحدات الصندوق يعرف طبيعة استثمارات الصندوق يكون متقبّلا لأي خسائر قد يتكبدها الصندوق، فضلا عن أنه يستفيد عند ارتفاع قيمة أصول الصندوق، إذ ينعكس ذلك على قيمة وحداته الاستثمارية، بينما في حالة الودائع الاستثمارية تظل الودائع بقيمتها الاسمية، ولا تتغير هذه القيمة مهما ارتفعت قيمة أصول البنك، وبالتالي تكون الصناديق أكثر عدالة بالنسبة إلى المستثمر من نظام الودائع. لذلك نوصي بدراسة مدى إمكانية تطبيق النموذج المقترح في المصارف الإسلامية بشكل متكامل لتحقيق المزيد من الأمان للمصرف الإسلامي والمزيد من تحقيق العدالة فيما يرتبط بالعلاقة مع المستثمرين، علما بأن هذا النموذج مطبّق جزئيا في بعض المصارف الإسلامية، والهدف من هذه الورقة وضعه في إطار متكامل.

د.خالد بودي

+974 4450 2111
info@alsayrfah.com