05 - مايو - 2024

المصارف الإسلامية في قطر واحتياجاتها المستقبلية

على وقع النمو القوي والمتسارع الذي يشهده الاقتصاد القطري، يعيش القطاع المصرفي حالة من الازدهار حيث تعتبر البنوك العاملة في دولة قطر من أكثر المصارف قوة على المستوى الإقليمي لما تتمتع به من ملاءة مالية عالية وهو ما تبرهنه باستمرار المؤشرات المالية لهذه المصارف بجانب صمودها وعدم تأثرها بأي اهتزازات مالية على غرار ما ضرب مثيلاتها في أعتى الاقتصادات العالمية.

ومن بين قطاع المصارف فإن البنوك الإسلامية القطرية تعد الأسرع نمواً في العالم حيث أفاد تقرير لشركة ستاندرد آندبورز لخدمات التصنيف بنجاح استراتيجية الحكومة القطرية لجعل قطر مركزاً للصيرفة الإسلامية ، وأشار إلى أن قاعدة الأصول لدى البنوك الإسلامية القطرية ستتجاوز 100 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2017 في حين كان إجمالي الميزانية العمومية لدى هذه البنوك 54 مليار دولار أمريكي عام 2012.

وفي الحقيقة فإن هذا النمو لايمكن إرجاعه فقط إلى طبيعة عمل هذه البنوك واستنادها إلى مبادئ الشريعة الإسلامية ولكن هناك أيضاً دعم الحكومة وقوة الاقتصاد القطري وارتفاع الطلب على الائتمان اللمحلي لتمويل البنى التحتية الحكومية والمشاريع الاستثمارية خاصة ما يتعلق منها باستعدادات استضافة كأس العالم لكرة القدم سنة 2022 ، والذي خصص له 200 مليار دولار هذا علاوة على رؤية قطر 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد المحلي المعتمد بشكل أساسي على النفط والغاز، وهي أمور تعمل على توفير تربة خصبة لاستمرار الوتيرة المتسارعة للطلب على الائتمان المحلي الأمر الذي سينعكس على نمو أصول المصارف الإسلامية القطرية واتساع حصتها من النظام المصرفي في البلاد.

وأمام هذه الحالة الاستثنائية من النمو فإن المصارف الإسلامية مطالبة بالتفاعل مع هذه المستجدات والاستفادة من المعطيات التي توفرها هذه المرحلة من خلال تجويد العمل والخدمات المقدمة للأفراد والهيئات والشركات، وهذا يتطلب تدريب وتأهيل الموارد البشرية، ووجود قيادات إدارية قوية، وتطوير قواعد بياناتها وتحديث أنظمتها بما يساهم في تطوير تقنيات العمل، وعلى هذه البنوك أن تحسن أساليب تسويق الخدمات المصرفية الإسلامية واعتماد سياسة تسويقية ترتكز على نوعية الخدمة المصرفية والسعر التنافسي بدلاً من الاعتماد فقط على الصفة الإسلامية وإثارة عواطف العملاء ومشاعرهم.

ومن جهة أخرى، فإن مستقبل العمل المصرفي الإسلامي يعتمد على تطور البنوك الإسلامية وتطور  إدارتها وتحديث أدواتها الاستثمارية ، بما يتناسب مع التحديات التي تطرحها حركة العولمة والتحرير في الأسواق المالية والمصرفية المعاصرة وهو ما يجب ان تنتبه إليه البنوك القطرية بأن تتبع استراتيجية تطوير المنتجات المالية والاستثمار في مجالات البحث والتطوير وتوسيع وتنويع قاعدة الاستثمارات على أن يشمل ذلك السوق المحلي والعالمي حتى تشجع أصحاب المبادرات الخلاقة والأفكار الجادة من القطريين على اقتحام الأسواق الإقليمية والعالمية والاستفادة من الفرص الاستثمارية في الدول الأخرى ، بعد أن أصبحت الخدمات المصرفية الإسلامية الأسرع نمواً في النظام المالي الدولي، وباتت الصيرفة الإسلامية خلال السنوات الأخيرة صناعة حديثة تستقطب اهتمام العديد من المؤسسات المالية الدولية والأطراف الفاعلة في النظام المالي العالمي. حيث يوفر التمويل الإسلامي إمكانية جعل التدفقات المالية عبر الحدود وسيطاً بين الاقتصادات في جميع أنحاء العالم.

وختاماً، فإن المصارف الإسلامية القطرية عليها أن تسعى لتطبيق الصيرفة الإسلامية بصورة شاملة، مع مراعاة ما لديها من استحقاقات ومن مسؤولياتها حتى تنهض على قاعدة متينة ورؤية استراتيجية شاملة ترسم لها الطريق صوب المستقبل، وهذا كله يلزمه توفر الوعي المصرفي الإسلامي والعمل القائم على التخطيط السليم والإدارة الفعالة.

بقلم : هاشـم السيد

+974 4450 2111
info@alsayrfah.com