29 - أبريل - 2024

البنوك الإسلامية والتكافل الاجتماعي

نستذكر على الدوام، خاصة في ظل الظروف الراهنة المرتبطة بجائحة كورونا التي أدت، من جملة تداعياتها، إلى ظهور حالات إعسار عدة لظروف خارجة عن إرادتها، ربما بسبب فقدان الوظائف، أو انخفاض الدخل، أو الأعمال، نقول نستذكر دور البنوك، ولا سيما البنوك الإسلامية، في التكافل الاجتماعي، لكون هذا الدور هو جزء من فلسفة ومبادئ العمل المصرفي الإسلامي.

إن البنوك الإسلامية في البحرين لها دور فعال في تطوير الصناعة المصرفية، ليس من خلال ما تقدمه من تمويلات وخدمات مصرفية فقط، بل في صيغة وهيكلية هذه المنتجات التمويلية والاستثمارية التي تقوم على ارتباطها بالاقتصاد الحقيقي وتنمية المجتمع والمشاركة في المخاطرة. كما تلعب من خلال دورها الاجتماعي دوراً هاماً في تطوير أشكال التكافل الاجتماعي. وأحد هذه الأشكال الهامة هي مساهمتها في مصرف سهم الغارمين الذي يؤازر الغارمين وعوائلهم الذين لم يستطيعوا، لأسباب كثيرة، الالتزام بسداد الدين خاصة عندما يكون المعسر امرأة، أو مسنّاً، أو رب أسرة، أو أن يكون المعسر هو العائل الوحيد لهم، فالسجون ليست لهؤلاء الذين تعثر بهم الحال ونقصت عنهم الموارد. ولا ننسى الشباب، فمنهم من تعثر في مشروعه ولم يستطع أن يستمر، أو أن يسدد دينه، وهذه معضلة عندما يبدأ الشاب حياته في أروقة المحاكم والسجون، وهنا يأتي دور التكافل المجتمعي لحل هذه الأزمة ويتم رصدها وفق معايير خاصة للاستفادة من مشروع سهم الغارمين.

 إن النظام الاقتصادي الإسلامي لا ينكر التفاوت بين الناس في المعايش والأرزاق، لأنه يعود إلى تفاوت فطري في المواهب والقدرات، والاعتراف بهذا التفاوت ليس معناه أن يجعل الإسلام الغني يزداد غنى، والفقير يزداد فقراً، فتتسع المسافة بين الفريقين. ومن هنا شرع الإسلام الزكاة كوسيلة للتقريب بين الغني والفقير من الناحية المادية، أما دينياً فإن الفقير قد يكون أشد تميزاً من الغني عند الله، وعند الناس، «إن أكرمكم عند الله أتقاكم» (الحجرات: 13). وإضافة إلى دورها في التكافل الاجتماعي، فإن للزكاة وظائف اقتصادية واجتماعية أخرى، منها: تأمين الإنتاج وزيادته.

كما نلاحظ أن البنوك الإسلامية طورت من مصارف الزكاة والتبرعات، فليس القصد منها هو سد حاجات المحتاجين والفقراء وإشباعها لبعض الوقت فقط، ولكن القصد منها هو إخراجهم من الحاجة على الدوام، وذلك بتمليكهم الوسائل التي تحميهم وتنقلهم من الكفاف إلى الكفاية، حيث اهتمت بإنشاء المشاريع المنتجة والمعاهد والمراكز التدريبية والتأهيلية وغيرها. والتكافل معناه أن يكون الأفراد في كفالة جماعتهم ينصر بعضهم بعضاً، وأن تكون كل القوى الإنسانية في المجتمع متلاقية في المحافظة على مصالح الأفراد ودفع الأضرار عنهم، ثم المحافظة على البناء الاجتماعي وإقامته على أسس سليمة.

وأخيراً، فإنني أتوجه بالتحية والتقدير والإعزاز للبنوك والمؤسسات الإسلامية على اهتمامها بهذا الموضوع، وسأقوم خلال هذه الأيام بإعداد خطاب لجميع البنوك الإسلامية العاملة في البحرين للنظر في موضوع صندوق الغارمين، ودور هذه البنوك في المساهمة فيه وإدراج هذا البند في الميزانيات السنوية التقديرية لهذه المؤسسات.

عدنان أحمد يوسف

+974 4450 2111
info@alsayrfah.com