29 - أبريل - 2024

قوة الصيرفة الإسلامية في دولة قطر

 تُصنف البنوك الإسلامية القطرية حاليا ضمن أكبر المصارف الإسلامية في العالم، وتعتبر دولة قطر من أكبر أسواق التمويل الإسلامي عالمياً، حيث تحقق الصيرفة الإسلامية معدلات نمو مرتفعة. ويُعزى هذا النمو إلى البيئة التشريعية والتنظيمية الرائدة التي يتميز بها قطاع التمويل الإسلامي في الدولة، خاصة في ضوء التوجه نحو تطوير هذا القطاع الهام، للمساعدة في تمويل المجالات الداعمة للاقتصاد الوطني. هذا بالإضافة إلى وجود اقتصاد قوي أثبت مرونته وقدرته في مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية واستيعاب الصدمات العالمية.

 وعلى الرغم من التحديات الناجمة عن انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد التي أثرت على القطاعات الاقتصادية والمالية والمصرفية في جميع دول العالم، يواصل القطاع المصرفي الإسلامي القطري تحقيق أداء قوي، ويسجل نمواً جيداً في معظم مؤشراته الأساسية. فقد ارتفعت موجوداتُ البنوك الإسلامية بنحو 3.4 مليار ريال في أبريل 2021 عن مارس الماضي إلى 479.8 مليار ريال. وحققت البنوك الاسلامية العاملة في الدولة طيلة 12 شهرا الماضية قفزة ملحوظة على مستوى التمويلات الممنوحة لكافة القطاعات والأنشطة الاقتصادية الموجودة في الدولة، وذلك ثقة منها في مناخ الأعمال وقوة الاقتصاد القطري على مختلف قطاعاته، حيث سجلت نسبة نمو بنهاية شهر أبريل من العام الجاري بنحو 21.22% على أساس سنوي، مسجلة في ذات الوقت زيادة بنحو 60.06 مليار ريال بما يعادل تقريبا نحو 16.5 مليار دولار ، حيث قدر اجمالي التمويلات والتسهيلات الائتمانية التي قدمتها البنوك الاسلامية بنهاية شهر أبريل من العام الجاري نحو 343.08 مليار ريال وبما يعادل تقريبا نحو 94.25 مليار دولار ، مقارنة بالمستوى المسجل للتمويلات والتسهيلات الائتمانية بنهاية شهر أبريل من العام الماضي والذي كان يقدر بنحو 283.02 مليار ريال وبما يعادل تقريبا نحو 77.75 مليار دولار.

وتشير مثل هذه النتائج إلى القفرة الكبيرة التي تعيشها البنوك الإسلامية في قطر، وكيف أن قطر أصبحت مؤهلة لتكون مركزا أو عاصمة للصناعة المصرفية الإسلامية.  وتعد من بين أبرز الدول التي تميزت فيها الصيرفة الإسلامية بتطور كبير، بفضل الاهتمام المتزايد الذي توليه الجهات الرقابية المالية لهذا القطاع والحرص على توفير أفضل الممارسات المصرفية، وبما يضمن التطور والنمو المستمر لقطاع المصارف الإسلامية، من خلال مجموعة من البنوك والمصارف التي تتولى مهمة تنشيط هذا المجال، ما أدى إلى تمكنهم من تسجيل نسبة توسع واضحة في القطاع.

وسيشهد قطاع الصيرفة الإسلامية في قطر دفعة قوية من خلال اندماج مصرف الريان وبنك الخليج التجاري "الخليجي"، والذي سيؤدي إلى إنشاء مؤسسة مالية أكبر وأقوى تتمتع بمركز مالي قوي وسيولة لدعم النمو الاقتصادي لدولة قطر وتمويل مبادرات التنمية بما يتماشى مع رؤية قطر 2030. هذا بالإضافة إلى إنشاء واحد من أكبر البنوك المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية ومعايير لجنة بازل في دولة قطر والشرق الأوسط. ويزيد الاندماج أيضًا من مستوى المنافسة بين البنوك القطرية الأمر الذي سيصب في صالح القطاع المصرفي والعملاء من خلال تقديم أفضل الخدمات المصرفية وطرح أحدث المنتجات المالية بأسعار تنافسية. وسينعكس كذلك إيجابًا على قوة الملاءة المالية للمصارف الإسلامية ويصب في صالح المساهمين والمستثمرين.

ومن جهتها كانت البنوك الإسلامية عن مستوى الحدث ومواكبة التحول الرقمي والتكنولوجي في مجال الخدمات المالية والمصرفية التي يتم تقديمها عبر مختلف المنصات الالكترونية والرقمية، مستفيدة في ذلك من التطور التكنولوجي الكبير الذي تحظى به دولة قطر والحرص على استكمال الخطط الرامية الى تطوير التكنولوجيا المالية. وقد ساعد هذا التوجه البنوك الإسلامية على مواصلة خدماتها ضمن منظومة التحول الرقمي الذي فرضته الإجراءات الاحترازية لمكافحة فيروس كورونا وعدم التأثر بتداعيات الجائحة. بما يعكس مدى كفاءة البنية التحتية في مجال التكنولوجيا المالية وقدرتها على التوسع في الخدمات المصرفية الإلكترونية كاحد أهم القنوات الرئيسية في تقديم وتنفيذ كافة المعاملات المالية والمصرفية، الأمر الذي يعمل على زيادة المستفيدين من خدمات هذه البنوك والمحافظة على نموها ودورها في خدمة الاقتصاد الوطني.

بقلم: د. هاشـم السيد, باحث اقتصادي

+974 4450 2111
info@alsayrfah.com