14 - مايو - 2024

البنوك الإسلامية.. بين الواقع والطموح

تأملنا خيرا في قيام البنوك الإسلامية لإثراء القطاع البنكي والنشاط الاقتصادي من خلال طرح حلول تمويلية إسلامية جديدة، بتوفير كافة المُنتجات والخدمات المُتوافقة مع الشريعة الإسلامية التي تخفف من الأعباء والقيود التي تفرضها البنوك التقليدية، حتى تنشط الشركات والقطاعات الصناعية والاستثمارية، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، لتنويع مصادر الدخل، ومع وجود بنكين إسلاميين متكاملين وناجحين حتى الآن هما: بنك نزوى الإسلامي، الذي حقق زيادة في الأرباح تقدر بمليون وأكثر من 40 ألف ريال عماني في الربع الأول من العام الجاري مقارنة بحوالي 600 ألف ريال عماني في الفترة المماثلة من العام الفائت، وبنك العز الذي سجل أرباحا تقدر بنحو 310 آلاف ريال، وست نوافذ إسلامية لدى البنوك التقليدية، ولكن رغم ذلك فقد بلغ إجمالي التمويل الممنوح من قبل البنوك والنوافذ الإسلامية ما نسبة 11 % فقط من إجمالي التمويل الممنوح في السلطنة، ومن المتوقع أن تصل الحصة السوقية للتمويلات الإسلامية بحلول العام 2020 نحو 15 % وهي نسبة ضئيلة لا تتناسب مع سقف التوقعات والأمنيات والطموحات التي نلقي بها على عاتق الصيرفة الإسلامية، وإن كانت قد شهدت نموا كبيرا وسريعا خلال الأعوام الأربعة الفائتة مقارنة مع الخدمات المصرفية التقليدية، كما ارتفعت القروض المصرفية الإسلامية بنسبة 25 % سنوياً في نهاية ديسمبر 2017، رغم أن بعض المصاعب التي واجهتها في البداية حتى وصلت إلى نقطة التعادل الفاصلة بين الأرباح والخسائر، ولا شك أنه يمكنها الاستمرار في الصعود، إذا تمكنت من علاج نواحي القصور أو الخلل، من خلال رفع مستوى الكفاءة في العمل، وفي النواحي الفنية، وتعمل كذلك على زيادة القدرة على تقديم منتجات وأدوات استثمارية وخدمية ومُعاملات مصرفية، تتفوق على ما تقدّمه المؤسسات المالية التقليدية، وتكون ذات قدرة تنافسية عالية قادرة على زيادة حصتها بين البنوك التقليدية الناجحة، حفاظا على حقوق المساهمين وأموالهم، ولا ننكر في ذات الوقت دور النوافذ الإسلامية الأخرى التي شقت طريقها ولكنها لا زالت تعمل تحت جلباب البنوك التابعة لها، مما يعوق نسبيا الحكم عليها أو تقييم أدائها بموضوعية ورغم ذلك فقد حصلت بنوك إسلامية عمانية على جوائز التمويل الإسلاميّ العالميّة التي تعكس مدى الالتزام بتعزيز نموّ قطاع التمويل الإسلاميّ في السلطنة، وهذه شهادة دولية على مدى الالتزام والقدرة على مواصلة تقديم بديلٍ فعّال لحلول الصيرفة التقليديّة، من خلال تقديم باقات مُتكاملة من الحلول المصرفية للأفراد والشركات، وهذا ما نأمله من البنوك الإسلامية، في ظل استقرار الأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية في السلطنة، التي تعد عاملا أساسيا في نجاح أداء المصارف عموما والمصارف الإسلامية خصوصاً، لتوفير كافة المُنتجات والخدمات المُتوافقة مع الشريعة الإسلامية، إذ إن البنوك الإسلامية هي الأكثر قدرة على تجميع المدخرات من الفئات المتوسطة والقليلة الدخل، إلى جانب دورها في الاستثمار المباشر الذي تقوم به، لتلعب بذلك دوراً هاماً في إيجاد البديل المحلي لتمويل عمليات التنمية الاقتصادية بعيدا عن السيطرة الأجنبية المتمثلة في القروض الخارجية، مما يعطي للبنوك الإسلامية أهمية كبرى في الدول النامية، وهذا يتطلب تكريس الجهد الإعلامي في نشر ثقافة الصيرفة الإسلامية والتعريف بها وبأهميتها في النشاط التجاري والاقتصادي، وبالخدمات والحلول المصرفية التي تقدمها للجميع وعلاقتها بالأسواق العالمية والاستثمارات سواء على الصعيد الإقليمي أو العالمي، بالإضافة تقديم تسهيلات من البنك المركزي بإعفاء الودائع الاستثمارية لدى المصارف الإسلامية من حسابات وقيود الاحتياطي القانوني، أو بنسب أقل من البنوك التقليدية، لاستخدامها في مجالات إنتاجية، وهذا ما نأمل تحقيقه على أرض الواقع، خاصة أننا نحتاج إلى تنويع مصادر الدخل ونتطلع إلى وجود مصادر قوية وجديدة للتمويل الإسلامي، وتحويل النوافذ الإسلامية إلى بنوك مستقلة، لتساهم في دعم الاقتصاد وتطوير المشاريع والشركات لتلبية احتياجاتها وتوسعاتها، بالإضافة إلى دعم وتشجيع العمل الحر من خلال المشروعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال وربط مشروعاتها الإنتاجية بالشركات الكبرى لضمان الاستمرارية والتسويق، بعيدا عن القيود التي تفرضها شروط وضوابط البنوك التقليدية، حتى يمكن أن تستوعب جزءا من الأيدي العاملة الباحثة عن عمل، لذلك لا يكفي ما تم تقديمه من خلال التمويل الممنوح من قبل البنوك والنوافذ الإسلامية التي بلغت حوالي 3 بلايين ريال عماني بنهاية 2017، وهى لا زالت مساهمات محدودة لا تلبي الطموحات المجتمعية التي تأمل كثيرا في الحلول المقدمة من الصيرفة الإسلامية في السنوات المقبلة، في ظل قياداتها المصرفية الواعية، التي تملك الكثير من الخبرات والمهارات التي تجعل من البنوك الإسلامية قيمة مضافة حقيقة لقطاع التمويل في السلطنة.

محمد محمود عثمان

+974 4450 2111
info@alsayrfah.com