05 - مايو - 2024

المصارف الإسلامية نحو مستقبل أفضل

استطاعت المصارف الإسلامية إثبات وجودها على خارطة المعاملات المالية والاقتصادية العالمية ومن ثم تقديم الرؤية والنموذج الإسلامي للمعاملات المالية والاقتصادية ليس داخل الأقطار الإسلامية فحسب بل في معظم أنحاء العالم، وكان لهذا النجاح اأثره في زيادة عدد المؤسسات المالية الإسلامية حيث وصل عدد البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية الآن إلى أكثر من 400 بنكاً ومؤسسة تمتلك ما يربو على 15 الف فرعاً في العالم ، كما اتسع حجم الاستثمار بها لما يزيد عن ترليون دولار وهو ما يؤكد أن الصناعة المالية الإسلامية قد تقدمت خطوات كبيرة جداً وحققت انتشاراً واسعاً إذا ما قورن عمر البنوك الإسلامية والذي يقدر  بـ 35 عاماً مع نظيرتها التقليدية التي تصل إلى 350 عاماً وهو الأمر الذي يبرهن على الثقة الكبيرة التي يوليها العالم اليوم للمنتج الإسلامي لا سيما بعد الأزمة المالية العالمية التي كشفت مفاسد الرأسمالية وأدت إلى تراجع البنوك التقليدية التي شهدت إفلاس أكثر من 140 بنكاً أمريكياً وذلك بعد أن أثبتت البنوك الإسلامية أنها كانت أكثر صلابة في مواجهة الأزمة المالية ومرجع ذلك أنها تتجنب المضاربة في المشتقات المالية.

ونتيجة لهذه الأحداث أخذ نظام الاقتصاد الإسلامي في التوسع ليس في البلاد الإسلامية فقط بل امتد إلى الدول الغربية مثل بريطانيا، التي تحتضن البنك البريطاني الإسلامي لذا يطلق عليها المركز الرئيسي للاقتصاد الإسلامي في الغرب، وكذلك الحال في الولايات المتحدة الأمريكية التي يوجد بها عدة بنوك تتعامل من خلال منافذ إسلامية هذا علاوة على التوجه للأخذ بهذا النظام في فرنسا والمانيا واليابان والصين.

وبقدر ما أن هذا التوجه شهادة حق لصالح الاقتصاد الإسلامي إلا أنه يفرض تبعات جسام على القائمين على الصناعة المالية الإسلامية ومنها مضاعفة الجهد لنشر مبادئ التمويل الإسلامي في الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية حيث توجد بعض الأفكار الخاطئة عن هذه المنتجات يقف ورائها الخوف من الإسلام لذا لابد من تكثيف الجهود عبر وسائل الإعلام وتنظيم المؤتمرات والندوات في الدول غير الإسلامية بجانب تعزيز التعاون بين المؤسسات المالية الإسلامية بعضها البعض وبناء شراكات بين المؤسسات المالية الإسلامية في الدول الإسلامية والدول الغربية لفتح نوافذ ذات معاملات إسلامية في البنوك التقليدية في هذه البلدان والتركيز على أهمية التمويل الإسلامي في النهوض بمستقبل هذه الشعوب.

هذا من جانب ومن جانب اخر وحتى تستطيع البنوك الإسلامية أن تصمد في ميدان المنافسة العالمية عليها أن تطور من خدماتها وتسعى لابتكار الأدوات المالية التي تتوائم مع العصر الحديث مع الحفاظ على أحكام الشريعة الإسلامية في كافة التعاملات والأخذ بالتقنيات التكنولوجية الحديثة.

أما على مستوى آلية العمل فيتحتم على المصارف الإسلامية والقائمين عليها ضرورة استيعاب التطورات المالية والاقتصادية على مستوى العالم والتوسع في الدراسات الأكاديمية والتدريب في مجالات فقه المعاملات والعلوم المالية المعاصرة باللغات العالمية والأخذ بأحدث الوسائل التقنية لتكوين جيل قادر على إدارة هذه المصارف في ظل المنافسة الشديدة.

وبناء على ذلك يجب على رجال الصيرفة الإسلامية أن يغتنموا الفرصة القائمة ويقدموا هذا النموذج كنظام مثالي لحل مشاكل البشرية الاجتماعية والمالية والاقتصادية من منطلق أن الدين الإسلامي دين يصلح لكل زمان ومكان، وأنه ليس مجرد عبادات فقط بل يهتم بأمور الدنيا والآخرة على حد سواء وأنه دين بناء وازدهار.

بقلم : هاشـم السيد
كاتب ومفكر اقتصادي

+974 4450 2111
info@alsayrfah.com