26 - أبريل - 2024

ثقافة المصرفية الإسلامية

تعد العلاقة بين الثقافة والمؤسسات الاقتصادية بوجه عام والإسلامية بوجه خاص من أقوى الظواهر الاجتماعية وأوضحها ارتباطا، إذ يلاحظ أن حركة المجتمع نحو التنمية تنبع أولا من فهمه لمتطلباتها وإحاطته بمعارفها وهذا الفهم يتشكل من المكون المعرفي لهذا المجتمع وبالرغم من ضخامة قيمة الأصول وتنامي حجم العمليات في سوق التمويل الإسلامي فإن المردود الاقتصادي الكبير المتوقع حدوثه على أرض الواقع في البلدان الإسلامية لم يشعر به المواطن حتى الآن مما دفع كثيرا من الناس إلى الشعور بحالة من التناقض بين واقع الاقتصاد غير المرضي الذي يعيشونه وبين الثراء الفكري الاقتصادي المستمد من الإسلام الذي يؤمنون به.
كما أن بعض الناس تسيطر عليهم حتى الآن بعض الأفكار البالية والعادات المتوارثة في قضية التعامل مع البنوك التقليدية والمصارف الإسلامية، فلا توجد عندهم حدود فاصلة بين ما هو حلال وما هو حرام.
فمعاملات البنوك والمصارف كلها واحدة لا تختلف في أي شيء، اللهم سوى في طبيعة الاسم فقط.
ولما كان الإنسان بطبيعته عدوا لما يجهل، أصبحت الحاجة الآن ملحة وعاجلة لنشر ثقافة المصرفية الإسلامية.
فالمصرفية الإسلامية تعتمد على ثوابت لا مساس فيها، فالربا حرام وجميع المعاملات المالية والمصرفية يجب أن يشملها الانضباط الشرعي، فضلا عن الانضباط الاقتصادي المعتبر.
كما أن هناك متغيرات تقبل التجديد والانطلاق، خاصة في مجال المنتجات المصرفية والتمويل.
فالمشاركة مثلا هي من الصيغ التمويلية مرتفعة الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للشركاء والمجتمع، فهي تحقق قيمة مضافة كبيرة، كما أنها تجنب خلق الديون ولا تختص بفئة بعينها تستطيع تقديم الرهون والضمانات دون غيرها عن باقي فئات المجتمع، فتحقق تكافؤ الفرص وعدالة التوزيع، وهذا ما يجب التركيز عليه والدعوة لتفعيله ونشر ثقافته في المجتمع الإسلامي.
كما أن فكرة التجديد والابتكار في المنتجات المصرفية ليست مرفوضة في الفكر الإسلامي، فهي تختلف وبقوالب مختلفة من زمان إلى زمان ومن مكان إلى مكان ومن مجتمع إلى آخر، طالما انضبطت بالضوابط الشرعية وبالجدوى الاقتصادية والعائد المالي وتلبية حاجات العملاء.
أما أهم وسائل نشر الثقافة المصرفية الإسلامية فتشمل بدايةً التأكيد على تفعيل المصارف الإسلامية لسلامة جميع المعاملات التي تقوم بها، بأن تكون نقية وخالية من أي شبهات ربوية.
والتأكيد على تغليف جميع المعاملات بالقيم والأخلاق الحميدة، وكذلك تحقيق الجودة عن طريق محاولة الوصول إلى أعلى العوائد الاستثمارية وخفض تكلفة الخدمات.
وكذلك ابتكار وسائل جديدة لنشر ثقافة المصرفية الإسلامية عن طريق زيادة الانفتاح على العملاء المستقبليين، وذلك من خلال فتح دفاتر توفير إسلامية لطلاب المدارس أو حسابات جارية أو استثمارية لطلاب الجامعات، على أن تقدم هذه الخدمات بصورة مجانية، وكذلك العمل على التواصل مع جميع فئات المجتمع (الرجال - النساء - الشباب) من خلال وسائل الإعلام المختلفة وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي والوسائل الإلكترونية الأخرى.
وأخيرا فإن دعم المصارف الإسلامية من خلال نشر ثقافة المصرفية الإسلامية يحتاج إلى انتفاضة فكرية واعية تزيح غبار الصدأ الذي يغلف الأفكار البالية، ويدفع المصارف الإسلامية إلى الأمام لتحقيق النقلة النوعية المنشودة.
 

دكتور عادل حميد يعقوب

+974 4450 2111
info@alsayrfah.com