20 - أبريل - 2024



تقارير


شهد الربع الأخير من القرن العشرين ميلاد المصارف الإسلامية , التى ظهرت إلى الواقع العملي تلبية لرغبة قطاع عريض من المسلمين الذين كان لديهم حرج شديد فى التعامل مع البنوك التقليدية. وقد ساعد على ذلك تنامى تيار الصحوة الإسلامية فى الدول العربية والإسلامية الذى واكب حركات التحرر من الإستعمار الغربى مع بداية النصف الثانى من القرن العشرين , فقد شهدت الساحة العربية والإسلامية جهوداً فكرية كبيرة لتأصيل فكر الاقتصاد الإسلامي كبديل للأنظمة الوضعية الغربية التى انتقلت إلى الدول العربية والإسلامية مع قدوم الاستعمار, الذى زال وترك أنظمته الاقتصادية المادية التى لا تأخذ فى اعتبارها القيم والأخلاق الإسلامية . وقد واكب هذه الحركة الفكرية ظهور المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية , لتجسد فكر الاقتصاد الإسلامي فى مجال التطبيق , فظهرت الدعوات والتساؤلات حول مدى شرعية التعامل مع البنوك التقليدية المبنى على آلية سعر الفائدة كأداة لتسعير قيمة النقود الحالية وقيمتها المستقبلية . نشأة المصــارف الإسلامية وخصائصها أولا: مفهوم البنك التقليدي: يعرف البنك التقليدي بأنه مؤسسة مالية , وظيفتها الرئيسة تجميع الأموال من أصحابها فى شكل ودائع جارية وقروض بفائدة محددة إبتداءً , ثم إعادة إقراضها لمن يطلبها بفائدة أكبر, ويربح البنك الفرق بين الفائدتين , كما يقدم الخدمات المصرفية المرتبطة بعمليتي الإقتراض والإقراض . وعليه يمكن القول بأن البنك التقليدي وسيط مالي ( مقترض يقرض) أو ( تاجر ديون) . ثانيا: مفهوم المصرف الإسلامى: تعددت رؤى الباحثين حول مفهوم المصرف الإسلامى : في دراسة علمية ضمت آراء 27 عالما من المنظرين الأوائل لتجربة المصرفية الإسلامية وكذا عددا من الممارسين والمهتمين بها, انتهت الدراسة إلي إجماع كل الآراء على ضرورة إلتزام المؤسسة المالية التي تحمل إسم المصرف الإسلامي بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية فى جميع تعاملاتها المصرفية والإستثمارية , باعتبارها جزءا من النظام الإقتصادى الإسلامى , وتمثل أحد أجهزته الهامة , وعلى أن النظام الإقتصادي الإسلامي يعد جزءاً من المنهج الإسلامى الشامل لكل مناحى الحياة الدينية والإجتماعية والإقتصادية , للعبادات والمعاملات والأخلاق فى كل لا يتجزأ . كما إنتهت أغلب الآراء- محل الدراسة- إلى أن المصرف الإسلامي مؤسسة مالية تقوم بدور الوساطة المالية بين فئتى المدخرين والمستثمرين ( في إطار صيغة المضاربة الشرعية المبنية على مبدأ المشاركة في الربح والخسارة ,والقاعدة الشرعية الغنم بالغرم ) فضلا عن أدائها للخدمات المصرفية المنضبطة فى إطار العقود الشرعية. في ضوء ما سبق يمكننا تعريف المصرف الإسلامى بأنه " مؤسسة مالية تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية فى كل أنشطتها الإستثمارية والخدمية من خلال دورها كوسيط مالى بين المدخرين والمستثمرين , وتقدم الخدمات المصرفية فى إطار العقود الشرعية " . ومن التعريف السابق يمكن الوقوف على أهم أهداف المصارف الإسلامية , وهى: (1) تقديم البديل الإسلامي للمعاملات البنكية التقليدية لرفع الحرج عن المسلمين. (2) الإلتزام بأحكام الشريعة الإسلامية في أوجه النشاط والعمليات المختلفة التي تقوم بها , وإتباع قاعدة الحلال والحرام في ذلك . (3) توفير الأموال اللازمة لأصحاب الأعمال بالطرق الشرعية بغرض دعم المشروعات الإقتصادية والإجتماعية النافعة . (4) تشجيع الإستثمار ومحاربة الإكتناز من خلال إيجاد فرص وصيغ عديدة للإستثمار تتناسب مع الأفراد والشركات. (5) تحقيق تضامن فعلي بين أصحاب الفوائض المالية وأصحاب المشروعات المستخدمين لتلك الفوائض , وذلك بربط عائد المودعين بنتائج توظيف الأموال لدى هؤلاء المستخدمين ربحا أوخسارة , وعدم قطع المخاطرة وإلقائها على طرف دون الآخر. (6) تنمية القيم العقائدية والأخلاقية في المعاملات وتثبيتها لدى العاملين والمتعاملين معها. (7) مساعدة المتعاملين معها فى آداء فريضة الزكاة على أموالهم , والقيام بدورها في المشاركة في التنمية الإقتصادية والإجتماعية. ومن أهم الخصائص المميزة للمصرفية الاسلامية ما يلى : 1. الإلتزام الكامل بأحكام الشريعة الاسلامية فى كل تعاملاتها المصرفية. 2. عـدم التعامل بالفائدة المصرفية أخذا وإعطاء بشكل مباشر أو مستتر باعتبارها من الربا الحرام. 3. إرساء مبدأ المشاركة فى الربح والخسارة من خلال توسط البنك بين أصحاب الأموال وطالبى التمويل مع عدم قطع المخاطرة وإلقائها على طرف دون آخر. 4. إحداث تنمية إقتصادية وإجتماعية حقيقية في المجتمع. 5. إرساء مبدأ التكافل الإجتماعى, ليس فقط بجمع الزكاة وصرفها فى مصارفها الشرعية , وإنما أيضا بالسعي إلى تحقيق عدالة في توزيع عوائد الأموال المستثمرة وتعظيم العائد الإجتماعى للإستثمار . فيما يلي عرض لأهم خصائص المصرف الإسلامى : 1 - الإلتزام بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية : يتمثل الأساس العام الذي تقوم عليه المصارف الإسلامية في عدم الفصل بين أمور الدنيا وأمور الدين ، فكما يجب مراعاة ما شرعه الله في العبادات يجب مراعاة ما شرعه في المعاملات , بإحلال ما أحله وتحريم ما حرمه ، وإعتماد الشريعة الإسلامية أساسا لجميع التطبيقات ، وإتخاذها مرجعا في ذلك ، وسندنا في ذلك أن الذى أمرنا بالصلاة فى قوله تعالى (إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً [النساء : 103],هو الذي قال (ياَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ) [المائدة : 1] , وقال (لاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً) [النساء : 5 -2 عدم التعامل بالربا : أجمع الفقهاء على حرمة التعامل بالربا الذي حرمه الله فى كتابه وحرمه رسوله صلى الله عليه وسلم ومن بعده الصحابة والتابعون ومن بعدهم. يعرف الربا لغة بالزيادة والنمو والعلو والإرتفاع ، يقال ربا الشىء: أى علا وارتفع مثل قوله تبارك وتعالى (وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ )ٍ [الحج : 5[, وتفسير كلمة "ربت" أي ارتفعت ومثل قوله تبارك وتعالى(يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ )[البقرة : 276[ أي يزيدها وينميها ، والربوة هي : المكان المرتفع من الأرض. ويعرف الربا عند العرب: بالزيادة على المال المقترض مقابل الزيادة فى الأجل. وهذا هو الذى ذكره القرآن الكريم فى مواضع كثيرة , مثل قوله تعالى (ياَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) [آل عمران : 130 [. كان الربا فى الجاهلية " أن يكون للرجل على الرجل الحق إلى أجل , فإذا حل الأجل يأتى الغريم فيقول له: أتقضى أم تربى ؟ فإن قضى أخذ , وإلا زاده فى حقه وأخر عنه الأجل " . والربا نوعان : ربا الفضل وربا النسيئة -3الفائدة المصرفية تعد من الربا المحرم :  مارست البنوك التقليدية عملها فى الدول العربية والإسلامية منذ ما يزيد على قرن من الزمان وفقا لذات الآلية التي تعمل بها فى الدول الغربية ( سعر الفائدة ) ومع انتشار الوعى الإسلامى , تساءل بعض الفقهاء والإقتصاديون والممارسون, هل أعمال هذه البنوك بوضعها الحالى وآلياته حلال أم حرام ؟  وقد تصدى للإجابة على هذا السؤال مجمع البحوث الإسلامية الذى عقد بالقاهرة عام 1385هـ / 1965 م والذى حضره خمسة وثمانون عالما وفقيها ممثلين لـ 35 دولة إسلامية فى ذلك الوقت بعد دراسة مستفيضة إستمرت ثلاثة سنوات , حيث قرر المجمع الآتي : (الفائدة المصرفية على أنواع القروض كلها ربا محرم , لا فرق فى ذلك بين ما يسمي بالقروض الإستهلاكية أو ما يسمى بالقروض الإنتاجية , لأن نصوص الكتاب والسنة فى مجموعها قاطعة فى تحريم النوعين , وإن كثير الربا وقليله حرام , وإن الإقراض بالربا محرم لا تبيحه حاجة ولا ضرورة , والإقتراض بالربا محرم كذلك ولا يرتفع إثمه إلا إذا دعت اليه الضرورة ، وكل امرىء متروك لدينه فى تقدير ضرورته (1 الخاتمة :  بعد أن تعرفنا على المصارف الإسلامية وخصائصها ، فلنختم تقريرنا المتواضع بخلاصه كاملة عن التقرير والتذكير بأهم ما جاء فيه: (1) المصرف الإسلامي : مؤسسة مالية تقوم بدور الوساطة المالية بين فئتي الفائض والعجز المالي وفقا لآلية المشاركة فى الربح والخسارة المبنية على أحكام عقد المضاربة الشرعية وقاعدة الغنم بالغرم . (2) تتمتع المصارف الإسلامية بخصائص عدة تميزها عن غيرها من البنوك التقليدية , حيث تستمد مشروعيتها من التزامها بأحكام الشريعة الإسلامية فى كافة تعاملاتها المصرفية والاستثمارية , ومن أهمها عدم التعامل بالفائدة المصرفية التى هى من الربا المحرم والمشاركة فى دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية. (3) ترجع بداية المصرفية الإسلامية - بمفهومها الواسع- إلى بداية ظهور الإسلام , فقد عرف المسلمون ألوانا من العمل المصرفي الإسلامي فى صدر الإسلام , مثل القرض والمضاربة والحوالة والصرف وغيرها. (4) كان لقرار مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف عام 1965م بحرمة التعامل بالفائدة المصرفية , ولتجربة بنوك الادخار المحلية التى أسسها د.أحمد النجار فى بداية الستينات من القرن الماضي الأثر الإيجابي على انتشار المصارف الإسلامية عربيا وعالميا , والتي وصل عددها إلى 267 مصرفا ومؤسسة مالية إسلامية في نهاية عام 2003م

أكمل القراءة ...

المذهب الاقتصادي نتيجة للأيدولوجية التي يعتقدها الإنسان. والرأسمالية حينما قدمت البنوك كأحد منتجاتها الحضارية، كانت تترجم عمليًّا تصوّرَها لدور رأس المال في الحياة عموما، وفي العملية الإنتاجية خصوصا. فالرأسمالية تعتبر رأس المال العنصر الرئيسي في العملية الإنتاجية، لذلك كانت أولى تعريفات البنوك في الأدبيات الاقتصادية المعنية بدراسة البنوك، أنها "تاجر قروض"، وحاولوا تجميل التعريف فيما بعد بالحديث عن البنك الشامل. وكان تحديد عوائد العملية الإنتاجية في النظام الرأسمالي محددا بشكل واضح وهو "الفائدة" لرأس المال، بينما يحصل العمل على الأجر، والتنظيم على الربح، والأرض على الريع أو الإيجار. أما المذهب الاقتصادي الإسلامي فلا ينطلق بمعزل عن العقيدة الإسلامية التي تعكس بوضوح وجود علاقة بين الإله والكون والحياة، ومن هنا فالمال في حياة المسلم والأمة الإسلامية ليس حيازة شخصية أو جماعية، إنما هو مسؤولية، وله أدوار اقتصادية واجتماعية وسياسية تستهدف عمارة الأرض في إطار من العبودية لله عز وجل. البعد المقاصدي للمال والبنوك ن مسلمات الشريعة الإسلامية أن المال أتى ضمن المقاصد الخمسة الرئيسية، وأنه متفرد في الحساب عليه في الآخرة، كما جاء في الحديث النبوي الشريف "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع"، ومنها "عن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه"، هذا على إثر ذكر المسؤولية الشخصية. البنوك الإسلامية تسعى لتنويع خدماتها للأفراد والشركات وفق ضوابط الشريعة (الأوروبية) أما على المستوى العام، فهناك مقاصد خمسة تخص المال ذكرها العالم المقاصدي الجليل الشيخ الطاهر بن عاشور، وهي: التداول والرواج داخل المجتمع، والسعي للكسب والاستثمار، وإثبات ملكية الأموال، وحرية التصرف في الأموال الخاصة، ووضع المال في نصابه الحلال. وهذه المقاصد لا تخص أموال الأفراد فقط، ولكنها تشمل أموال الشخصيات الاعتبارية (الشركات بمختلف أنشطتها، وباقي المؤسسات المالية البنكية منها وغير البنكية)، وكذلك مال الدولة، ومال مؤسسات النفع العام للمجتمع المدني. ولا تجد البنوك الإسلامية مفرا من استهداف هذه المقاصد والعمل في إطارها، فهو إطار حاكم ومحدد لنشاطاتها. أما البنوك التقليدية فلها أيدولوجية مختلفة ومقاصد مختلفة تعتمد على استهداف المال، بغض النظر عن آليات وضوابط الحصول عليه. البنوك التقليدية تعتبر المال سلعة تباع وتشترى عبر اعتماد الفائدة كعائد له، بغض النظر عن عوائد النشاط الاقتصاديقد يقول قائل إن الرأسمالية الحديثة وضعت ضوابط كثيرة للحصول على الأموال ومدى مشروعيتها. ولكن الواقع يظهر عجز الرأسمالية من خلال تقنينها للأنشطة التي تضر بوظيفة المال، مثل القمار والرهان والصناعات التي تضر بالبيئة وصحة الإنسان. بل في بعض الدول الرأسمالية هناك تقنين للمال المكتسب من أنشطة الاقتصاد الأسود (تجارة السلاح، والمخدرات، والدعارة)، وفوق هذا كله اعتبارها المال سلعة تباع وتشترى عبر اعتماد الفائدة كعائد له في العمليات الإنتاجية والخدمية، بغض النظر عن عوائد النشاط الاقتصادي. ولا يعد الفارق المقاصدي التمييز الوحيد بين البنوك الإسلامية والتقليدية، فهناك مجموعة من الفوارق الأخرى جعلت البنوك الإسلامية بمنأى عن التداعيات السلبية للأزمة المالية العالمية، التي لعبت فيها البنوك التقليدية دورا كبيرا أدى إلى خسائر ما زالت الاقتصادات في أوروبا وأميركا تدفع ثمنها. وفيما يلي نشير إلى مجموعة مهمة تميز البنوك الإسلامية عن التقليدية، تخص جوانب السلامة المالية ومتطلبات التنمية:  اختلاف طبيعة العقود تتعامل البنوك التقليدية في قبول الودائع والاستثمار على أساس أنها تضمن أصول هذه الودائع والاستثمارات مع العائد عليها، وذلك لتوصيفها الرئيسي على أنها قروض، وبالتالي يصنف الفقهاء طبيعة هذه العلاقة التعاقدية للبنوك على أنها يد ضمان. البنوك الإسلامية تطبق قاعدة المشاركة في الغنم والغرم (رويترز) ولكن في البنوك الإسلامية يكون قبول الودائع والاستثمار من خلال قاعدة المشاركة في الغنم والغرم، ولذلك فهي لا تضمن هذه الودائع والاستثمارات، ولكنها تصنف على أن يدها في هذه التعاملات يد أمانة. ومن هنا تفردت تعاقدات البنوك الإسلامية عن البنوك التقليدية بتقديم صيغ المشاركات والمضاربات والمرابحات والإجارة، والقرض الحسن (وإن كانت هذه المعاملة تتم في أضيق الحدود)، وغيرها من الصيغ الشرعية الإسلامية. العائد على النشاط يحدد العائد على أنشطة البنوك التقليدية من خلال آلية ثابتة هي سعر الفائدة دون اعتبارات أخرى، فالبنك التقليدي باعتباره تاجر قروض يركز على هامش ربحه المتمثل في الفارق بين سعر الفائدة على الودائع للمدخرين وسعر الفائدة على القروض الممنوحة للعملاء. وللأسف يكون هذا السعر ثابتا في مختلف الأنشطة الاقتصادية سواء كانت تجارية أو إنتاجية، صناعية أو زراعية أو خدمية، وبالتالي تفتقد تحميل تكلفة التمويل إلى العدالة بين الأنشطة المختلفة. والبنوك التقليدية تحسب سعر الفائدة كنسبة من رأس المال وليس على طبيعة العائد من النشاط. أما في البنوك الإسلامية، فيكون التعاقد على توفير التمويل لا الإقراض. وعادة ما يكون التمويل لخدمة أو إنتاج سلعة محددة. وينظر إلى العائد من النشاط وتحديد نسبة العائد لرأس المال، وهو عائد مختلف من نشاط إلى آخر، ولا يعني ذلك أن يكون البديل اختلاف نسب الفائدة، ولكن المطلوب هو اختلاف العائد على مشاركة رأس المال، وحجم المخاطر التي يتحملها، واحتساب العائد كنسبة من الأرباح لا من أصل رأس المال. البنوك الإسلامية تنأى عن تمويل الأنشطة التي تشوبها شبهات الحرام (رويترز) محددات النشاط تنظر البنوك التقليدية إلى اعتبارات مالية وقانونية تحدد من خلالها صلاحية العميل للحصول على قروضها، على رأسها الملاءة المالية، والقدرة على السداد، وأن يكون النشاط مسموحا به قانونا. ولكن البنوك الإسلامية تأخذ بالإضافة إلى هذه الشروط اعتبار النشاط من حيث الضوابط الشرعية، من كونه نشاطا حلالا ومباحا، لا حراما ومكروها، لأن القوانين قد تسمح بممارسة بعض الأنشطة التي تشوبها شبهة الحرام أو الكراهية. فالبنوك الإسلامية لا تمول زراعة أو إنتاج التبغ على سبيل المثال، أو الخمور، أو أي سلعة أو خدمة يُتيقن من أنها تسبب ضررا على الفرد أو المجتمع.  ومن السمات المهمة للبنوك الإسلامية، أنها تعمل في تمويل الاقتصاد الحقيقي ولا تتاجر في الديون الفردية أو العامة، مثل شراء السندات، أو شراء وبيع سلع غير موجودة لدى البائع كما يحدث في بورصات السلع، حيث تتم عشرات العمليات بالبيع والشراء لسلعة واحدة لا يملكها في وقت التعامل أي من بائعيها. وكانت هذه السلبيات من أهم أسباب تفاقم مشكلة البنوك في الأزمة المالية العالمية. ولذلك خرجت البنوك الإسلامية سالمة من تلك الأزمة، فلا هي تتاجر في السندات، ولا الديون الوهمية الناتجة عن الرهن المتكرر، ولم تتعامل على سلع وهمية. اعتبارات التنمية الأصل أن البنوك تقوم بدور واضح في تمويل التنمية، ولكن تجربة البنوك التقليدية على مدار قرون كانت تركز على اعتبارات الربح، دون النظر إلى المردود التنموي. ولعل واقع تجربة البنوك في الدول العربية وغيرها من الدول النامية يوضح ذلك، فلا يستفيد من تمويل البنوك سوى الأغنياء، ولا مجال للطبقة المتوسطة أو الفقيرة في الاستفادة من تمويل البنوك التقليدية (بغض النظر عن الاعتبارات الخاصة بالحلال والحرام في المعاملات).  لعل صيغ الصكوك الإسلامية كانت من أنسب آليات تمويل البنوك الإسلامية للحكومات أو مشروعاتها كما أن البنوك التقليدية أسرفت في إقراض الحكومات لتمويل الدين العام، مستفيدة من العائد المرتفع الذي تدفعه مقارنة بغيرها من المقترضين، وكذلك انعدام نسب المخاطرة في إقراض الحكومات.  وأدى هذا إلى إحجام البنوك عن إقراض قطاع الأعمال لإنتاج السلع والخدمات، وزيادة الدين العام وزيادة أعبائه، وانصراف الحكومات للاعتماد على الخارج عبر الاستيراد، بل والقروض الخارجية عبر البنوك أيضا. ولا تملك البنوك الإسلامية حق الاتجار في الديون سواء للأفراد أو الحكومات، فلا تقوم بعمليات خصم الأوراق التجارية والمالية، أو المساهمة في تمويل الدين العام. ولكن يمكنها تمويل مشروعات عامة، سواء كانت تملكها الدولة أو مؤسساتها العامة، عبر الصيغ الإسلامية المعتمدة بناء على قاعدة "الغنم بالغرم". ولعل صيغ الصكوك الإسلامية كانت من أنسب آليات تمويل البنوك الإسلامية للحكومات أو مشروعاتها. وبالتالي يكون لدى البنوك الإسلامية مساحة أكبر في إقراض قطاع الأعمال، مما يساعد على إنتاج السلع والخدمات، ووجود هيكل إيجابي للناتج المحلي الإجمالي يعظم من سياسة الاعتماد على الذات في مشروع التنمية.

أكمل القراءة ...

تعكس مؤشرات أداء الصيرفة الاسلامية منذ تبينها في السلطنة مطلع العام 2013 تحقيق نموا متواصلا، ما يعكس نضج التجربة ونجاحها، حيث بلغ إجمالي أصول البنوك والنوافذ الإسلامية بنهاية يناير الماضي نحو ٩٫٣ مليار ريال عُماني وهو ما يشكل٢٫٢١٪ من إجمالي أصول القطاع المصرفي في السلطنة  شهد القطاع المصرفي في السلطنة نمواً معتدلاً في الائتمان والودائع على حد سواء، على الرغم من التباطؤ العام في الاقتصاد المحلي والعالمي. وتشير أحدث البيانات إلى ارتفاع إجمالي رصيد الائتمان الممنوح من قِبل القطاع المصرفي إلى 23.7 مليار ريال عُماني مع نهاية يناير 2018، مسجلا نموا بنسبة 7.3% عن مستواه قبل عام، في حين سجل إجمالي الودائع لدى القطاع المصرفي نمواً بنسبة5.1% ليصل إلى 21.7 مليار ريال عُماني في نهاية يناير الماضي. ويأتي تبني السلطنة للصيرفة الإسلامية مطلع 2013م بهدف تنويع الخدمات المصرفية والمالية في السوق المحلية وزيادة التعمق والشمول المالِيَين من خلال توفير فرص الاستفادة من خدمات القطاع المالي والمصرفي لشريحة من المجتمع ترغب في الاستفادة من الخدمات والمنتجات المتوافقة مع أحكام الشريعة. ويرتبط الشمول المالي ارتباطاً وثيقاً بالتنمية الاقتصادية والنمو، ويساهم في النفاذ إلى الخدمات المالية بدور حيوي خاص في تشجيع ريادة الأعمال ودعم تنمية الاقتصاد الوطني. واستكمالاً للجهود التي بذلها البنك المركزي العُماني في سبيل إيجاد البيئة التشريعية والرقابية المنظمة للأعمال المصرفية الإسلامية، تم إنشاء الهيئة العليا للرقابة الشرعية بالبنك المركزي العُماني، حيث حددت اللائحة المنظمة لعمل الهيئة اختصاصاتها في تقديم الرأي والمشورة للبنك المركزي العُماني فيما يتعلق بالجوانب الشرعية المتعلقة بالأعمال المصرفية الإسلامية والبت في المسائل التي تُرفع إليها من خلال البنك المركزي والتي تكون موضع خلاف فقهي بين لجان الرقابة الشرعية في المصارف المرخصة ويكون قرارها ملزماً للمصرف المرخص وكذلك إبداء الرأي حول توافق المعاملات التي تتم بين البنك المركزي والمصارف المرخصة مع أحكام الشريعة. وبفضل هذه السياسات وانعكاساً للطلب المحلي الملحوظ، فإنه وفقاً لأحدث البيانات، فقد ارتفع اجمالي رصيد التمويل الممنوح من قبل البنوك والنوافذ الاسلامية إلى حوالي 3.1 مليار ريال عُماني في نهاية يناير 2018،  مقارنة مع 2.5 مليار ريال عماني في نهاية يناير من العام الماضي، كما سجل إجمالي الودائع لدى البنوك والنوافذ الاسلامية ارتفاعا ملحوظا ليصل إلى 3.1 مليار ريال عُماني في نهاية يناير 2018.من 2.2 مليار ريال عماني  في نهاية يناير 2017، وانعكاسا لهذه التطورات وصل اجمالي  الأصول للبنوك والنوافذ الإسلامية مجتمعةً حوالي 3.9 مليار ريال عُماني أي ما نسبته 12.2% من إجمالي أصول القطاع المصرفي في السلطنة مع نهاية يناير 2018م. وتعد هذه النسبة قياسية خلال هذه الفترة الوجيزة. وتتمتع المصارف والنوافذ الإسلامية العاملة في السلطنة بشكلٍ عام بمؤشرات مالية جيدة من حيث جودة الأصول وتغطية المخصصات وكفاية رأس المال والربحية. وعلى الرغم من تزايد نسبة نمو قطاع الصيرفة الإسلامية داخل السلطنة وبروز بيئة تنافسية صحّية تساعد على تحقيق أهدافها المرجُوة في قطاعات التمويل والاستثمار والخدمات، الا انه لا يزال تواجه القطاع العديد من التحديات. ومن أهم التحديات التي تواجه المصارف المرخصة في السلطنة في الوقت الحالي هي مواصلتها لدعم الاقتصاد الوطني من خلال الاستمرار في استقطاب المدخرات الوطنية وتلبية احتياجات مختلف الفعاليات الاقتصادية في البلاد وتشجيع إنشاء المشاريع الصغيرة والمتوسطة والكبيرة وتوفير المرونة الكافية للتعامل مع مختلف التغيرات الاقتصادية ومنها بطبيعة الحال تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية. فمن المهم جداً أن تأخذ المالية الإسلامية دورها المحوري في المساهمة في التنمية المستدامة والشمول المالي وفق مقاصد الشريعة ومبدأ تقاسم المخاطر. كما أن على المؤسسات المصرفية الإسلامية الاستمرار في زيادة الوعي المصرفي بالخدمات المصرفية الإسلامية من خلال إقامة الندوات والمؤتمرات واللقاءات التعريفية بأصحاب الأعمال المهتمين بهذه الصناعة. في الجانب الآخر، فإنه من الضروري قيام المؤسسات المصرفية الإسلامية بالعمل الجاد للالتزام بالأطر الشرعية وتجنب محاكاة المنتجات المصرفية التقليدية، ولذا، فإن هذه المؤسسات بحاجة إلى ابتكار أدوات ومنتجات مالية متنوعة التي تتيح لها المرونة الكافية للاستجابة لاحتياجات الجمهور بحيث تكون تنمية وتطوير المنتجات والخدمات على أساس ابتكاري وإبداعي وأن تكون هذه الخدمات والمنتجات تتمتع بالمصداقية والثقة والقبول وأن تكون متوافقة مع أحكام الشريعة الغرّاء. بنك  نزوى : 5 سنوات من الإنجازات المتواصلة استطاع بنك نزوى منذ افتتاحه في عام ٣١٠٢، كأول بنك اسلامي، أن يحتل مكانة ريادية ومرموقة على خارطة الصيرفة الإسلامية في السلطنة من خلال تقديمه حلولا مصرفية متكاملة، وتحقيقه العديد من الإنجازات المتواصلة، ويقول خالد الكايد الرئيس التنفيذي بان البنك حقق العام المنصرم أعلى معدل نمو في القطاع المصرفي بالسلطنة.1  حدثنا عن البنك بصورة عامة وأبرز الانجازات التي حققها منذ انطلاق أعماله؟ وضعنا نصب أعيننا منذ افتتاح بنك نزوى في عام 2013 أن يكون أول بنك إسلامي في السلطنة، يوفر الحلول المصرفية المتكاملة طبقا للشريعة الإسلامية. وبتكاتف جهود جميع الموظفين استطعنا أن نثبت ذلك بنجاح وتكللت مسيرتنا بالإنجازات المختلفة طوال الخمس أعوام الماضية على كافة مستويات أعمالنا ومحفظة خدماتنا ومنتجاتنا، مما أعطى بنك نزوى سمعة ومكانة مرموقة  في خارطة الصيرفة الإٍسلامية . وحرصاً على تعزيز نمو قطاع الصيرفة الإسلامية في السلطنة ولزيادة مستوى الوعي حوله، قمنا بإطلاق أول حملة تعريفية لتسليط الضوء على مزايا حلول التمويل والاستثمار والتأمين الإسلامي وذلك بالتعاون مع تكافل عُمان وصندوق الكوثر،  وأيضاً قمنا بإنشاء وحدة متخصصة للمعاملات المصرفية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى إطلاق خدمة إدارة الثروات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية لتوفير حلولٍ مصرفيّة وماليّة على أعلى مستوى من الكفاءة لتعزيز نمو استثمارات زبائننا المميّزين وودائعهم في السلطنة. وعلى الصعيد المحلي والإقليمي والدولي حصلنا على عدد من الجوائز المرموقة مثل جائزة رائد الصيرفة الإسلامية التابعة لجوائز التمويل الإسلامي العالمية (GIFA) لعام 2017 ضمن دورته السابعة، وكذلك جائزة المسؤولية المجتمعية في المصارف الإسلامية لعام 2017 خلال فعاليات مؤتمر وجائزة المسؤولية المجتمعية في المصارف الإسلامية، وأفضل خدمات ومنتجات إسلامية في عُمان خلال النسخة السنوية الثالثة من حفل توزيع جوائز التميز والانجاز المصرفي لعام 2017، وأيضاً أفضل بنك إسلامي للخدمات المصرفيّة للأفراد في عُمان لعام 2017. وعلاوة على ذلك، أضاف بنك نزوى إنجازاً جديداً إلى سجله الحافل حيث حقق أعلى معدل نمو في القطاع المصرفي بالسلطنة بنسبة 3,343% بصافي أرباح 3.8 مليون ريال عُماني بعد خصم الضريبة عن الفترة المالية المنتهية في 31 ديسمبر 2017. حدثنا عن خطط التوسع؟ استطعنا خلال الخمسة أعوام الماضية، أن نضع لأنفسنا مكانة ريادية ومرموقة في خارطة الصيرفة الإسلامية في سلطنة عمان، حيث عملنا على توسعة شبكة فروعنا في كافة أرجاء السلطنة لتصل إلى 12 فرع، والتي نعمل من خلالها على تقديم باقة متنوعة من الخدمات المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية والتي تلبي كافة احتياجات زبائننا. وكوننا المؤسسة المالية الإسلامية الرائدة بالسلطنة فإننا نعمل وفقاً لخطة طويلة الأمد تهدف إلى إيصال خدماتنا ومنتجاتنا لكافة شرائح المجتمع في مختلف أرجاء السلطنة، حيث نعتمد في ذلك على استخدام أحدث التقنيات المتاحة في القطاع المصرفي. حدثنا عن الأداء العام للبنك؟ استطعنا في بنك نزوى تحقيق نتائج مالية مميزة خلال العام 2017 انطلاقاً من الاستراتيجية التي ننتهجها في تعزيز الابتكار ونشر ثقافة الامتياز في الخدمة والحرص على تطويرها بشكل مستمر لتتلاءم مع جميع أهداف البنك، حيث استطعنا في عام 2017 تسجيل نمو بنسبة 3,343% في صافي الأرباح بعد خصم الضريبة لتصل إلى 3.8 مليون ريال عُماني والذي يعتبر أعلى معدل نمو على مستوى القطاع المصرفي بالسلطنة في العام المالي المنتهي في 31 ديسمبر 2017 محققين زيادة سنوية بنسبة 35% في إجمالي الأصول. كما ارتفعت ودائع الزبائن بنسبة 50% خلال نفس الفترة مع زيادة ملحوظة بنسبة 41% في محفظة التمويل، علاوة على ارتفاع نسبة الإيرادات التشغيلية والتي بلغت 29% خلال العام 2017 مما يؤكد بوضوح الأداء القوي والتطور المستمر للبنك على كافة الأصعدة، وهذا يقع ضمن خطط النمو المستدامة حدثنا عن التعمين وجهود التدريب والتاهيل؟ لاشك أن البنك يحاول وباستمرار توظيف الكوادر العُمانية المؤهلة للمساهمة في صنع المزيد من النجاحات للبنك ورقيّ المجتمع ككل، ومن خلال تعاوننا مع وزارة القوى العاملة قمنا باستضافة عدد من الخريجين العُمانيين في مقرنا الرئيسي لاستعراض الفرص الوظيفية المتنوعة المتاحة لهم ضمن أسرة البنك. وقد قام مدير الموارد البشرية باستقبالهم وإطلاعهم على أقسام البنك المختلفة وثقافة العمل التي نتبناها. وخضع المتقدمون لعملية تقييم شاملة لاختيار الأفضل منهم لشغل الوظائف المتاحة ضمن استراتيجية البنك طويلة الأمد الهادفة إلى تمكين المجتمعات المحلية والارتقاء بالمواهب العُمانية، حرصاً منا على تنمية وتطوير قطاع الصيرفة الإسلامية في السلطنة. كما تعد نسبة التعمين في البنك ضمن النسب الرقابية رغم قصر عمر الصيرفة الإسلامية في السلطنة. وفيما يتعلق بالتدريب، فإننا نعمل في بنك نزوى وفق خطة استراتيجية للتطوير والتدريب وتزويد موظفينا بالخبرة المهنية والمعرفة اللازمة لتحقيق أداء مميز، وبناء على هذه الاستراتيجية فقد حضر ما يقرب من 85% من موظفي البنك أكثر من مائة برنامج بإجمالي فرص تدريب بلغت 750 فرصة تدريبية والتي ركَّزت على التدريب على الخدمات المصرفية الإسلامية وإدارة المخاطر وإدارة الثروات والشركات وخدمات التجزئة المصرفية والمعايير المالية الدولية. وتعكس تلك البرامج التدريبية المتطورة أحدث التطورات التقنية في القطاع المصرفي، كما أنَّها تساعد الموظفين على الإنخراط في الأنشطة المتخصصة لزيادة مؤهلاتهم ومعرفتهم حول الخدمات المصرفية وتعزيز قيمة وأخلاقيات العمل بما يتماشى مع رؤية بنك نزوى وتطلعاته.  بنك العزّ :خطوات واثقة نحو الأهداف يعدّ بنك العزّ الإسلامي أحد أوائل البنوك الإسلامية الرائدة على مستوى السلطنة، وقد تمكن من تحقيق الأهداف التي وضعها واستطاع ان يحقق أرباح لأول مرة في الربع الرابع من العام ٧١٠٢ وهو في وضع جيد يمكنه من تحقيق نتائج أفضل في السنوات القادمة، ويؤكد الرئيس التنفيذي للعمليات موسى بن مسعود الجديدي بأن البنك شهد نموا قويا في جميع مجالات الأعمال الرئيسية.2  حدثنا عن البنك بصورة عامة وابرز الانجازات التي حققتها منذ انطلاق اعماله ؟ تمكن بنك العز الإسلامي ولله الفضل والمنة من تحقيق الأهداف التي وضعها في مقدمة كل شيء ، يأتي ذلك انعكاسا لترجمة استراتيجيته على الأرض بمعنى أن نضع الحقائق على الأرض وخلال العام الماضي حقق البنك العديد من الجوائز التي من بينها أفضل خدمات مصرفية إسلامية للأفراد (عُمان) من قبل جوائز «جلوبال براند أواردز» وجائزة (أفضل رئيس تنفيذي عربي)في حفل جوائز (أفضل العرب) 2017 و جائزة « أفضل حساب توفير عُمان- حساب التوفير للجوائز بشرى» في سلطنة عمان لعام 2017، وذلك من قبل مجلة أخبار التمويل الإسلامي لعام 2017 وأفضل بنك للخدمات المصرفية للشركات 2017 من «بانكرز الشرق الأوسط» وأفضل صفقة صكوك لعام 2017 جوائز الصيرفة الإسل

أكمل القراءة ...

لئن ظهر مفهوم الصيرفة الإسلامية أو المالية الإسلامية منذ سبعينات القرن الماضي، إلا أن توسعه وتحوله إلى قضية اقتصادية وسياسية وحتى دينية، حقيقية عرف أوجه في السنوات الأخيرة، وتعزز مع ثورات الربيع العربي التي أفرزت صعود تيارات إسلامية إلى السلطة في أقطار عربية شتى. ظهور البنوك الإسلامية، في السبعينات كان محدودا وكان في البداية مجرد اقتران للمؤسسة بانتمائها الإسلامي، أكثر من كونه مؤسسة تقدم "منتوجا إسلاميا" أي منضبطا لمقتضيات الشريعة الإسلامية. إضافة كلمة إسلامي إلى البنك (على غرار البنوك التي دشنت تلك المرحلة من قبيل بنك فيصل الإسلامي والبنك الإسلامي الأردني والبنك الإسلامي الفلسطيني) لم تكن محيلة بالضرورة إلى "إسلاميته" بل كانت تشير إلى انتمائه إلى الفضاء العربي الإسلامي. إضافة كلمة إسلامي إلى المالية توحي بأن الخدمات المصرفية المسداة لا تخالف الشريعة، لكنها لا تعني أن الخدمة تخلو من الهدف الربحي الذي قد يتوحش ويدوس على مبادئ العدالة وحقوق الفقراء. يمكن أن نضيف كلمة إسلامي إلى مطعم أو منشأة تجارية، لكن ذلك لا يعني أنها تحولت إلى مؤسسة غير ربحية أو أنها أعطت عامل الربح أهمية اقل من الأهداف الأخرى. جانب الربح قائم دائما لدى البنوك الإسلامية وإن اتخذ مفاهيم أخرى تختلف مع المفاهيم الاقتصادية الرائجة. جدير بالتنويه هنا أننا إزاء قضية يتداخل فيها السياسي بالاقتصادي بالفقهي، بل هو ضرب من ضروب الاقتصاد السياسي باعتباره من العلوم الاجتماعية التي تدرس نشاط الإنسان في المجتمع بقدر ما له علاقة بحصوله على الأموال والسلع والخدمات. في تأصيل الصيرفة الإسلامية في السنوات الأخيرة تقديم لها بأنها حل لمعضلات الاقتصاد، والحل المقدم إسلامي أي أنه حل يصر الداعون إليه على أنه تصور لا يتعارض مع مقتضيات الشريعة. هنا أصبح الأمر بمثابة مقولة يتداخل فيها الاقتصادي بالديني، ولهذا نفهم الدفاع الذي تبديه تيارات إسلامية عن هذا المتصور الاقتصادي بوصفه حلا وإسلاميا في آن. على أن في الأمر مستويات أخرى يبديها الرافضون للصيرفة الإسلامية، التي تعتبرها القراءات الرافضة "رأسمالية متدينة"، باعتبار أن المالية الإسلامية لا تقطع مع الضوابط الرأسمالية بل تكتفي بأن تضفي عليها مفاهيم المدونة الاقتصادية الإسلامية. مفاهيم مثل المرابحة والإجارة والإجارة المنتهية بالتمليك والإجارة الموصوفة بالذمة والاستصناع والمضاربة والمشاركة والقرض الحسن وغيرها، هي مفاهيم تروج مؤخرا في المدونة الاقتصادية للمالية الإسلامية، ولكن فحص معانيها يفيد بأنها لا تختلف عن المفاهيم البنكية في المالية التقليدية، وبذلك فإنها لا تختلف من حيث وقعها على المستهلك عما تقدمه البنوك التقليدية، وحتى ما يروّج عن تفادي "الربا" فإنها مقولات فاقدة للوجاهة سواء من حيث تأكيد بعض الفقهاء المسلمين على أنه "لا حرمة في معظم معاملات البنوك التقليدية وأنه يحل للمسلم أخذ فائدة عن المبالغ التي يودعها في البنك وكذلك الاقتراض من البنك لغرض إقامة المشاريع أو شراء العقارات والسيارات"، على حد تعبير شيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوي، أو من حيث أن البنوك الإسلامية تقدم منتوجات لا تخلو من المعاملات الربوية وإن قدمت ما يفيد خلاف ذلك مفاهيم. النقد الموجه للمالية الإسلامية لا يفترض أن ينطلق فقط من المدونة الدينية، بل تفضل أغلب القراءات إخضاعه للنقد من زاوية المفاهيم الاقتصادية، ومقارعته بالأرقام والحسابات والجدوى، وهي الميادين التي تدعي المالية الإسلامية أنها تصدت لتحقيقها. هنا يجوز الربط بين الأزمة المالية العالمية التي عرفت أوجها ابتداء من العام 2008، وبين ارتفاع رواج المالية الإسلامية، إذ عدّ البعض أن الأزمة المالية العالمية وفرت فرصة سانحة للداعين إلى هذا المنتوج الديني، لتقديم تصورهم باعتباره حلا جذريا لمسألة التمويل، وتسويقه على أنه حل يقيم الدليل على أن الإسلام يوفر الحل الاقتصادي الناجع و"الحلال" في آن. قضية المالية الإسلامية، ليست مجرد قضية اقتصادية، بل هي مسألة تتداخل فيها الأبعاد الاقتصادية والسياسية والدينية، ولذلك فإن دراستها أو إخضاعها للنقد يجب أن يراعي كل هذا التداخل. ولهذه الأسباب أيضا تختلف المواقف من هذه الظاهرة، بما يعكس الانتماءات وبما يؤكد أنها قضية مستمرة في إثارة السجال.

أكمل القراءة ...

يدّعي بعض الاقتصاديين العلمانيين العرب (اشتراكيين ورأسماليين)، أنه لا يوجد شيء اسمه "الاقتصاد الإسلامي"، ويتجاهلون حقيقة أن هذا الدين قامت عليه أمة وحضارة ودولة امتدت لثلاثة عشر قرناً، وكانت لها نظم متكاملة، ومن بينها النظام الاقتصادي، الذي يقوم على فلسفة مستقاة من نصوص الوحي بشقيه (الكتاب والسنة)، حيث ينظم معاملات رعاياها من بيع وشراء وقروض ومكاتبة، وصك النقود، والهبات والصدقات والزكوات، والمشاركات والمعاوضات وقواعد المتاجرة والصناعة والزراعة.. وغيرها من العمليات الاقتصادية. في الحقيقة، كلام هؤلاء لا يخلو من شيء من الصواب؛ ذلك أن الأمة دخلت في حالة من الجمود الحضاري منذ عهد السلطان العثماني سليم الثالث، تلتها مرحلة من الانقطاع الحضاري للأمة، حوّلتها من أمة قائدة ورائدة وشاهدة على الأمم، إلى أمة مقودة تابعة منتظرة لنتاج الآخرين، وذلك ليس لعيب في المنظور الاقتصادي الإسلامي -حاشا لله- بل لضعف همم حامليه وعدم قدرتهم على المواءمة بين استلهام الإرث الحضاري واكتشاف قوانين الواقع (عدا بعض التجارب والمحاولات الخجولة). حتى عندما بدأ الوعي الاقتصادي يدبّ عند المسلمين، في منتصف القرن الماضي، فإنهم لم يستطيعوا -في الجانب التطبيقي على الأقل- استلهام روح التجربة الإسلامية الحضارية، ولا عمق المدلولات والأسس المبثوثة في الوحيين لتمثل ركائز الاقتصاد الإسلامي. فراحوا يختزلون الاقتصاد الإسلامي في المعاملات، ثم اختزلوا المعاملات في البنوك، ثم اختزلوا عمل البنوك في باب المداينات، ثم اختزلوا المداينات -بنسبة كبيرة- في تطبيقات المرابحات، يدفعهم الخوف من المخاطرة والبحث عن الأرباح السريعة وشبه المضمونة. لكن مع كل تلك المحددات، ورغم كل ما يوضع أمام عجلة الاقتصاد الإسلامي من عقبات، فإن حيوية التطبيقات الإسلامية تجلّت من خلال الذراع الوحيدة التي مثّلت مظهراً للاقتصاد الإسلامي في العصر الحالي -أعني البنوك الإسلامية- وبرز ذلك جلياً إبان الأزمة المالية العالمية، أو ما تسمّى بـ "أزمة الرهون العقارية"، عام 2008. ويكفي النظام الاقتصادي الإسلامي فخراً أن يعترف بفضله الخصوم والمنافسون؛ حيث مال الكثير من الدول إلى البحث في المالية الإسلامية عن التطبيقات والحلول المناسبة للأزمة، وعلى رأس هذه الدول بريطانيا، بل إن صحيفة الفاتيكان الرسمية "أوسيرفاتور رومانو"، ذكرت صراحة، في عدد 6 مارس 2009، أنه "قد تقوم التعليمات الأخلاقية التي ترتكز عليها المالية الإسلامية بتقريب البنوك إلى عملائها بشكل أكثر من ذي قبل، فضلاً عن أن هذه المبادئ قد تجعل هذه البنوك تتحلّى بالروح الحقيقية المفترض وجودها بين كل مؤسسة تقدم خدمات مالية". لقد بات لزاماً على خبراء الاقتصاد الإسلامي (فقهاء وعلماء) أن يولوا أهمية كبرى لبناء إطار نظري اقتصادي إسلامي متماسك وعصري، وإبداع صور عمليات جديدة أو متجددة تتناسب مع متغيرات الواقع، ولا تتصادم مع قطعيات الشريعة ومقاصدها، خصوصاً ونحن نرى الاقتصاد العالمي ذاهباً إلى هاوية أزمتين كبيرتين سيصل إلى قاعهما قريباً؛ أزمة مالية اقتصادية، وأزمة أخلاقية قيمية، وإن استعدادنا المبكّر، والمتمثل باجتراح الحلول الواقعية الجامعة بين تحقيق المصلحة والمحافظة على القيم الأخلاقية والإنسانية، قد يكون مفتاحاً لتبوّؤ النظام الاقتصادي الإسلامي مكانه الطبيعي بين الاقتصادات الأممية، وربما مهيمناً عليها.. والله من وراء القصد. من أحب أن يطلع على كتاب غني وممتع وضع نظرية اقتصادية متكاملة في زمانه فليحرص على اقتناء كتاب "الإشارة إلى مجالس التجارة"، لأبي الفضل جعفر بن علي الدمشقي، ألّفه في القرن الخامس الهجري. ويمكن تحميل الكتاب (المخطوط) من خلال روابط على الإنترنت.

أكمل القراءة ...

مقـــدمة: إن إضافة كلمة " إسلامي" إلي المؤسسة المالية التى تقوم بأعمال البنوك التقليدية ليست مجرد كلمة وحسب , حيث يرتكز العمل المصرفى الإسلامى على أسس ومبادئ وآليات وضوابط مستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية تختلف عن تلك الأسس التي يقوم عليها النظام المصرفى التقليدى. فالإسلام دين شامل للعقائد والعبادات والمعاملات والأخلاق فى كل واحد لا يتجزأ , فقد خلق الله الإنسان من أجل عبادته , وسخر له كل ما فى الأرض ، ورسم له طرق العبادة بمعناها الواسع , وحدد له رسالته , وهى الإستخلاف وإعمار الأرض. وقد نهانا الشارع عن الربا والغرر والظلم وأكل أموال الناس بالباطل والكذب والخيانة والإحتكار والغش والإكتناز والتبذير والإسراف والإستغلال..الخ , وأمرنا بالعدل والصدق والإحسان وأداء الزكاة ..الخ . وإذا كانت النواهي تمثل الحرام والمكروه , فإن الأوامر تمثل الواجب والمندوب وبينهما يأتى المباح , ليحتل المساحة الواسعة التي سكت عنها الشرع , ليفسح المجال للعقل ليبدع ويبتكر فى كل أموره الحياتية , حيث يعطى الشرع اليسر والمرونة اللذين يجعلان المنهج الإسلامي مناسبا لكل زمان ومكان . وعلى ذلك ,فيجب أن تتسم المؤسسات المالية التى تتصف بالإسلامية بسمات وخصائص تميزها عن غيرها من المؤسسات المالية التقليدية. الخصائص المميزة للمصرفية الاسلامية ومن أهم الخصائص المميزة للمصرفية الاسلامية ما يلى : 1. الإلتزام الكامل بأحكام الشريعة الاسلامية فى كل تعاملاتها المصرفية. 2. عـدم التعامل بالفائدة المصرفية أخذا وإعطاء بشكل مباشر أو مستتر باعتبارها من الربا الحرام. 3. إرساء مبدأ المشاركة فى الربح والخسارة من خلال توسط البنك بين أصحاب الأموال وطالبى التمويل مع عدم قطع المخاطرة وإلقائها على طرف دون آخر. 4. إحداث تنمية إقتصادية وإجتماعية حقيقية في المجتمع. 5. إرساء مبدأ التكافل الإجتماعى, ليس فقط بجمع الزكاة وصرفها فى مصارفها الشرعية , وإنما أيضا بالسعي إلى تحقيق عدالة في توزيع عوائد الأموال المستثمرة وتعظيم العائد الإجتماعى للإستثمار . فيما يلي عرض لأهم خصائص المصرف الإسلامى : 1 - الإلتزام بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية : يتمثل الأساس العام الذي تقوم عليه المصارف الإسلامية في عدم الفصل بين أمور الدنيا وأمور الدين ، فكما يجب مراعاة ما شرعه الله في العبادات يجب مراعاة ما شرعه في المعاملات , بإحلال ما أحله وتحريم ما حرمه ، وإعتماد الشريعة الإسلامية أساسا لجميع التطبيقات ، وإتخاذها مرجعا في ذلك ، وسندنا في ذلك أن الذى أمرنا بالصلاة فى قوله تعالى (إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً [النساء : 103],هو الذي قال (ياَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ) [المائدة : 1] , وقال (لاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً) [النساء : 5] . إن فلسفة العمل المصرفى الاسلامى تعتمد مبدأ " إن ملكية الإنسان لما فى يده من أموال ملكية مقيدة بما حدده المالك المطلق لهذا الكون " ، وتستند إلى الإستخلاف الذي يقوم على أساس أن المال مال الله - عز وجل – وأن الإنسان مستخلف فيه لعمارة الأرض ، وهذا ليس إجتهادا فقهيا ولا فكريا وإنما هو من صميم التشريع السماوي, جاءت به نصوص صريحة في القرآن والسنة ، من ذلك قوله تعالى (وإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ) [هود : 61] , وقوله تعالى (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ [الحديد : 7]. وما دام الإنسان مستخلفا على هذا المال فإن ملكيته له مربوطة بهدف ومقيدة بشرط من إستخلفه إياه ، وذلك بأن يحصل عليه بالأساليب التي إرتضاها ، وأن ينميه بالوسائل التي شرعها ، وأن يستخدمه فيما يحل له ، وألا ينسى حق الله فيه ، وهذه القيود تكفل تنظيم الدورة الإقتصادية بكاملها من الإنتاج إلى التوزيع . بناء على ما تقدم يجب على المصارف الإسلامية أن تضّمن هياكلها التنظيمية وجود هيئة للرقابة الشرعية , تتصف بالإستقلال التام عن الإدارات التنفيذية وتقوم بدور الإفتاء والرقابة , للتأكد من التزام أجهزة المصرف التنفيذية بالفتاوى والاجراءات وأدلة العمل والنماذج التى إعتمدتها , ولها أن تستعين فى ذلك بإدارة أو وحدة للرقابة والتدقيق الشرعي تكون حلقة الوصل بينها وبين إدارات وفروع المصرف الإسلامى . وقد صدر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية بالبحرين المعيارالشرعى رقم (4) لعام 1997م الذى ينظم كيفية تعيين هيئة الرقابة الشرعية وعدد أعضائها وتخصصاتهم ونطاق عملهم والتقارير الصادرة عنهم ,وذلك لضمان إلتزام المؤسسة المالية الإسلامية بأحكام الشريعة الإسلامية فى جميع معاملاتها . 2- عدم التعامل بالربا : أجمع الفقهاء على حرمة التعامل بالربا الذي حرمه الله فى كتابه وحرمه رسوله صلى الله عليه وسلم ومن بعده الصحابة والتابعون ومن بعدهم. يعرف الربا لغة بالزيادة والنمو والعلو والإرتفاع ، يقال ربا الشىء: أى علا وارتفع مثل قوله تبارك وتعالى (وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ )ٍ [الحج : 5[, وتفسير كلمة "ربت" أي ارتفعت ومثل قوله تبارك وتعالى(يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ )[البقرة : 276[ أي يزيدها وينميها ، والربوة هي : المكان المرتفع من الأرض. ويعرف الربا عند العرب: بالزيادة على المال المقترض مقابل الزيادة فى الأجل. وهذا هو الذى ذكره القرآن الكريم فى مواضع كثيرة , مثل قوله تعالى (ياَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) [آل عمران : 130 [. كان الربا فى الجاهلية " أن يكون للرجل على الرجل الحق إلى أجل , فإذا حل الأجل يأتى الغريم فيقول له: أتقضى أم تربى ؟ فإن قضى أخذ , وإلا زاده فى حقه وأخر عنه الأجل " . والربا نوعان : ربا الفضل وربا النسيئة. وقد اعتمد الفقهاء فى تدليلهم على حرمة الربا على ما جاء فى القرآن الكريم , والأحاديث النبوية الشريفة ، وأقوال الصحابة رضوان الله عليهم. فقد ورد تحريم الربا فى ثمانى آيات قرآنية موزعة على أربع سور من سور القرآن الكريم ( منها خمس آيات فى سورة البقرة , وواحدة في كل من سورة آل عمران والنساء والروم ) 0 وقد تدرج التحريم, حيث بدأ بالمقارنة بين مضار الربا وفوائد الزكاة , كما ورد في سورة الروم , حيث قال تعالى (وَمَاآتَيْتُم مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ) [الروم : 39 [ ,إلى أن أعلن الله الحرب على آكل الربا كما ورد في سورة البقرة, قـال تعالى (ياَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ 0فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تٌظلمون) [البقرة : 278-279 [. 3- الفائدة المصرفية تعد من الربا المحرم : مارست البنوك التقليدية عملها فى الدول العربية والإسلامية منذ ما يزيد على قرن من الزمان وفقا لذات الآلية التي تعمل بها فى الدول الغربية ( سعر الفائدة ) ومع انتشار الوعى الإسلامى , تساءل بعض الفقهاء والإقتصاديون والممارسون, هل أعمال هذه البنوك بوضعها الحالى وآلياته حلال أم حرام ؟ وقد تصدى للإجابة على هذا السؤال مجمع البحوث الإسلامية الذى عقد بالقاهرة عام 1385هـ / 1965 م والذى حضره خمسة وثمانون عالما وفقيها ممثلين لـ 35 دولة إسلامية فى ذلك الوقت بعد دراسة مستفيضة إستمرت ثلاثة سنوات , حيث قرر المجمع الآتي : (الفائدة المصرفية على أنواع القروض كلها ربا محرم , لا فرق فى ذلك بين ما يسمي بالقروض الإستهلاكية أو ما يسمى بالقروض الإنتاجية , لأن نصوص الكتاب والسنة فى مجموعها قاطعة فى تحريم النوعين , وإن كثير الربا وقليله حرام , وإن الإقراض بالربا محرم لا تبيحه حاجة ولا ضرورة , والإقتراض بالربا محرم كذلك ولا يرتفع إثمه إلا إذا دعت اليه الضرورة ، وكل امرىء متروك لدينه فى تقدير ضرورته ). وقد أكدت المؤتمرات الإسلامية المتتالية على حرمة فوائد البنوك, ومن تلك المؤتمرات : • المؤتمر العالمي الأول للإقتصاد الإسلامي المنعقد في مكة المكرمة عام 1396 هـ / 1976 م الذي حضره أكثر من ثلاثمائة من علماء و فقهاء و خبراء الإقتصاد والبنوك وأكد على حرمة فوائد البنوك. • المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي : المنعقد فى الكويت فى المدة من 6 - 8 جمادى الآخر 1403هـ/ مارس1983م والذى أكد على أن ما يسمى بالفائدة فى إصطلاح الإقتصاديين الغربيين ومن تبعهم هو من الربا المحرم شرعا. • مجمع الفقه الإسلامى الدولى المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامى فى دورة مؤتمره الثانى: المنعقد فى جدة فى المدة من 10-16ربيع الآخر 1406هـ / ديسمبر 1985م والذى نص على أن " كل زيادة أو فائدة على الدين الذى حل أجله وعجز المدين على الوفاء به مقابل تأجيله , وكذلك الزيادة أو الفائدة على القرض منذ بداية العقد , هاتان الصورتان ربا محرم شرعا , كما قرر المجمع التأكيد على دعوة الحكومات الإسلامية إلى تشجيع المصارف الإسلامية القائمة والتمكين لإقامتها في كل بلد إسلامى لتغطى حاجة المسلمين كيلا يعيش المسلم فى تناقض بين واقعه ومقتضيات عقيدته. • مجمع الفقه الإسلامى التابع لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة الذى أكد فى دورته التاسعة المنعقده فى الفترة من 12-19رجب عام 1406هـ / 1986م على أن كل ما جاء عن طريق الفوائد الربوية هو مال حرام شرعا , كما دعا المجلس المسئولين فى البلاد الإسلامية والقائمين على المصارف الربوية إلى المبادرة الجادة لتطهيرها من رجس الربا. • فتوى فضيلة مفتى مصر - أنذاك- الدكتور محمد سيد طنطاوي , فى 14رجب عام 1409 هـ/فبراير1989م تنص على:أن إيداع الأموال فى البنوك أو إقراضها أو إقتراضها بأى صورة من الصور مقابل فائدة محددة مقدما حرام (فتوى دار الإفتاء المصرية رقم 515/1989م ). • يضاف إلي كل ما سبق ذكره فتاوى العديد من الهيئات العلمية: كالمجامع الفقهية في البلدان الإسلامية ولجان الفتوى والندوات و المؤتمرات العلمية وفتاوى أهل العلم والمختصين في شؤون الإقتصاد وأعمال البنوك في العالم الإسلامي كلها أكدت على هذا المعنى بحيث تشكل في مجموعها إجماعــا معاصرا على تحريم فوائد البنوك لا يجوز مخالفته . بناء على ما تقدم فإن الإسلام ينظر الى النقود على أنها وسيط للتبادل ومعيار لقيمة الأشياء وأداة للوفاء , وليست سلعة تباع وتشترى , وإن المصارف الإسلامية اعتمدت مبدأ المشاركة فى الربح والخسارة المبنى على عقد المضاربة الشرعية وعلى القاعدة الشرعية الغنم بالغرم فى تشغيل الأموال , إلى جانب صيغ البيوع المعتبرة شرعا.كبديل لسعر الفائد المصرفية الثابتة التى إعتمدتها البنوك التقليدية كأداة لت

أكمل القراءة ...

لا تخفى حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني التي يمر بها العراق منذ فترة طويلة، إلا أنها في العام 2017 ارتفعت وتيرتها، من حيث المواجهات بين الدولة وتنظيم داعش الإرهابي (تنظيم الدولة الإسلامية)، ثم تداعيات الاستفتاء في إقليم كردستان العراق، وكذلك استمرار النزوح، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة. تشير تقارير برلمانية إلى أن معدل الفقر في العراق بلغ نحو 35% في 2017، بعد أن كان بحدود 17% في العام 2016، كما أن البطالة تقدر وفق أرقام قاعدة بيانات البنك الدولي في 2016 بنحو 15.7%. والواقع أن معدلات الفقر والبطالة في مستويات أعلى من الأرقام المذكورة في المناطق التي تعاني من استمرار النزاع المسلح. ولكن تبقى موارد العراق الاقتصادية تساعده بشكل واضح في توفير مقومات معيشية مرضية، إذا ما انتهت الأزمات السياسية، حيث لا تزال البلاد دولة نفطية مهمة وهي عضو بمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، ولديها نحو 143 مليار برميل كاحتياطي نفطي، وكذلك احتياطي يصل إلى 3.6 تريليونات متر مكعب من الغاز الطبيعي. ونتيجة لحالة عدم الاستقرار السياسي والأمني، لا يزال العراق يصنف ضمن الدول النامية، بل يرزح منذ سنوات في تصنيف شديد السلبية على مؤشر الشفافية الدولية، فهو ضمن قائمة أفسد عشر دول على مستوى العالم، واحتل الرتبة 166 في عام 2016 من بين 176 دولة شملها تقرير منظمة الشفافية الدولية. وفي ظل هذه الأجواء، يكون للجهاز المصرفي دور مهم عن طريق المساهمة في تمويل التنمية، فيعمل على تمويل المشروعات الإنتاجية، وزيادة معدلات إحلال المنتجات المحلية عوض نظيرتها المستوردة، وذلك لتحقيق أكثر من هدف، فالأول هو تحقيق الاستقلال الاقتصادي والوطني والتخلي عن التبعية، ثم بناء قاعدة إنتاجية صلبة تحمي البلاد من تقلبات السوق الدولية، وزيادة معدلات التشغيل ومكافحة البطالة، والحد من اتساع رقعة الفقر، والاهتمام ببناء تكنولوجيا وطنية. واقع المصارف الإسلامية تركز المصارف الإسلامية، منذ نشأتها منتصف سبعينيات القرن العشرين على دورها التنموي، كما أن فلسفتها تعتمد على قاعدة المشاركة كآلية للتمويل، والبعد عن الديون كآلية لتمويل النشاط الاقتصادي. ولا يخفى على المتابع للشأن الاقتصادي الصعود الدائم لأعمال المصارف الإسلامية في العالم، وخاصة بعد الأزمة المالية العالمية في 2008، إذ أشار العديد من الخبراء والدراسات إلى سلامة البنى التمويلية لتلك المصارف. ويشير التقرير السنوي لمجلس الخدمات المالية الإسلامية لعام 2016 إلى أن خدمات التمويل الإسلامي في العالم بلغت قيمتها 1.9 تريليون دولار، وثمة توقعات بأن تبلغ هذه الخدمات نحو 3.4 تريليونات دولار في عام 2018. ووفق بيانات 2015، فإن المصارف الإسلامية استحوذت على النصيب الأكبر من خدمات التمويل الإسلامية بنحو 1.496 تريليون دولار، ثم الصكوك الإسلامية بنحو 290 مليار دولار، ثم أسواق المال الإسلامية بنحو 71.3 مليار دولار، والتأمين التكافلي بـ23.2 مليار دولار. وبلغ عدد المصارف الإسلامية في العراق الثلاثين، برؤوس أموال قيمتها ثلاثة مليارات دولار، ولا تمتلك الحكومة سوى مصرف إسلامي واحد، وتستحوذ المصارف الإسلامية في العراق على نحو 50% من الحصة السوقية للمصارف الخاصة في السوق المحلية بحسب تقدير رابطة المصارف الخاصة. "لا تمتلك الحكومة العراقية سوى مصرف إسلامي واحد، وتستحوذ المصارف الإسلامية في البلاد على نحو 50% من الحصة السوقية للمصارف الخاصة" والجدير بالذكر أن القانون المنظم لعمل المصارف الإسلامية في العراق صدر في عام 2015. وهو ما جعل هذه المصارف تهتم على مدار الفترة القليلة الماضية بالبيئة التشريعية، وضرورة تطويرها لتواكب متطلبات العمل المصرفي الإسلامي بشكل جيد. وتعكس هذه البيانات وجود رغبة كبيرة في السوق العراقية في التعامل مع المصارف الإسلامية، فمن الممكن أن ترتفع حصتها من السوق المصرفية في حالة تمكنت الحكومة من فرض الأمن والاستقرار في كل ربوع البلاد. ولكن ثمة مؤشرات أخرى للنجاح لا بد أن تجتازها المصارف الإسلامية في العراق، وهي تلك المتعلقة بالتنمية، والتي أشرنا إليها في السطور السابقة. تحديات الدور التنموي ثمة مجموعة من التحديات التي تفرض نفسها على المصارف الإسلامية، ومنها ما يتعلق بالمناخ العام، واستقرار الدولة وسيادة القانون، وببنية المصارف الإسلامية نفسها، من ضرورة توفير الكوادر المدربة والمؤهلة لكسب أكثر شريحة من السوق، وابتكار أدوات تمويلية إسلامية جديدة، وكذلك الخروج من دوامة التأهيل الشرعي، والاستفادة من الجهود السابقة في مجلس الخدمات المصرفية الإسلامية، الخاصة بقواعد المحاسبة والتدقيق الشرعي. إلا أن ما سنركز عليه هنا هو ذلك الدور التنموي للمصارف الإسلامية، والذي يراد منه بناء اقتصاد عراقي قوي، ومن هذه التحديات ما يلي: - المساهمة في بناء الناتج المحلي الإجمالي: في الوقت الذي بلغ فيه هذا الناتج 171.4 مليار دولار في عام 2016 وفق بيانات البنك الدولي، نجد أن الصناعات الاستخراجية تساهم بالنصيب الأوفر بنسبة تصل إلى 53%، في حين تسهم الصناعات التحويلية بنسبة 2.6%، ولا تساهم الزراعة سوى بحصة متواضعة تقدر بنسبة 6%. وتعد تركيبة الناتج المحلي الإجمالي للعراق أمرا طبيعيا في ظل الأجواء التي تعيشها البلاد، واستمرار النزاعات المسلحة، واستمرار اعتماد البلاد على النفط كنشاط اقتصادي رئيسي، فهو يشكل 99% من الصادرات السلعية. ومن هنا، فالتحدي أمام المصارف الإسلامية العراقية هو النجاح في تمويل المشروعات الصناعية والزراعية التي تؤدي إلى تحسين مساهمتهما في الناتج، وخاصة الصناعات التحويلية ذات القيمة المضافة العالية. "المطلوب من المصارف الإسلامية في العراق العمل على استقدام استثمارات أجنبية مباشرة للبلاد في مجال صناعة المعدات والآلات ووسائل النقل، عن طريق المشاركة" - العمل على استقدام استثمارات أجنبية مباشرة للعراق في مجال صناعة المعدات والآلات ووسائل النقل، عن طريق المشاركة، بحيث تتمكن البلاد من إنتاج خطوط الإنتاج اللازمة للنهوض بالصناعة في الفترة القادمة، كما ينبغي أن تهتم المصارف الإسلامية في العراق بتمويل البحث العلمي وتوطين التكنولوجيا، بالتعاون مع الجامعات. وليس بالضرورة أن يتم ذلك بشكل منفرد لكل مصرف، ولكن الأجدى أن يكون هناك عمل مشترك بين المصارف الإسلامية والحكومة، ولا مانع من مشاركة مصارف تقليدية أخرى طالما ستعمل وفق الآلات المصرفية الإسلامية في تمويل هذه المشروعات. فالواردات السلعية للعراق والتي بلغت نحو 50 مليار دولار في 2016، ومعظم الواردات تأتي في مجال السلع المصنعة، والعتاد والآلات ووسائل النقل. تمويل المشروعات وآلية الصكوك - بما أن استقرار العراق سيحل ولو في الأجلين المتوسط والطويل، فعلى المصارف الإسلامية أن تنشط في تمويل مشروعات البنية الأساسية، ومجالات التعليم والصحة، وذلك بالمساهمة في تمويل المشروعات عبر آلية الصكوك، إذ إنها آلية مناسبة لتمويل المشروعات الطويلة الأجل، وبالتالي سيكون المطلوب من أقسام التسويق بتلك المصارف إقناع المدخرين بضرورة الاستثمار في آلية الصكوك، وباقي الأدوات المالية الطويلة الأجل، من أجل الاعتماد على مصادر تمويل محلية، وعدم اللجوء للاستدانة الخارجية. - في ظل ارتفاع معدلي البطالة والفقر بالعراق، يبقى التحدي هو الوصول بالتمويل إلى الفقراء والطبقة المتوسطة، حتى يمكنهم الخروج من حالة الفقر إلى المساهمة الجادة في النشاط الاقتصادي، وتعد المشروعات المتناهية الصغر من أفضل الآليات المناسبة في الحالة العراقية، ولكنها تتطلب انتشارا أكبر، ولا بأس أن يتم ذلك عن طريق مساهمة الجمعيات المعنية بالتمويل المتناهي الصغر، كما هو الحال في بنغلاديش وغيرها من الدول النامية. - اتسم نشاط المصارف الإسلامية في العالم بارتفاع معدلات تمويل الأنشطة التجارية عبر آلية المرابحة، وهو أمر لا يمكن إنكاره، إذ إن المصارف الإسلامية ليست جمعيات خيرية، وإنها تعمل بأموال المودعين. ولكن هذا لا يمنع من أن تقوم المصارف الإسلامية، بزيادة تفعيل معدلات الأدوات التمويلية الأخرى كالمشاركة والاستصناع والإجارة والمزارعة، وهي أدوات تسهم بشكل كبير في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتحتاجها بشكل كبير الأنشطة الإنتاجية. وتبقى المصارف الإسلامية في النهاية جزءا من النظام القائم، وتتأثر بالمناخ العام الذي يسود البلاد، وحتى تتحقق انطلاقتها وتنجح في تحقيق أهدافها ومواجهة ما ذكرناه من تحديات، لا بد من أن تكثف الدولة جهودها لتحقيق الاستقرار السياسي والأمني من جهة، ومكافحة الفساد بشكل كبير من جهة أخرى، فمن الصعوبة بمكان أن تنتعش أنشطة التمويل المعنية بالتنمية في ظل مناخ عام يتسم بمعدلات عالية من الفساد.

أكمل القراءة ...

قالت هيئة الأوراق المالية والسلع إنها مستمرة في تطبيق الاستراتيجية الخاصة لتطوير سوق رأس المال الإسلامي من خلال 4 أدوار رئيسية تتضمن في وضع التشريعات سواء أكانت استحداثاً للأنظمة أم تعديلاً عليها، وتطوير نظم الحوكمة واعتماد وتأهيل أعضاء لجان الرقابة الشرعية، وتطوير نظم اختبارات متخصصة. وأضافت الهيئة في إفادة لـ «البيان الاقتصادي» أن التشريعات تتضمن: إصدار ضوابط صناديق الاستثمار المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وإصدار نظام الإفصاح الجاري، وذلك عن الإفصاح الإضافي للمنتجات الإسلامية، وتنظيم الكيان ذي الغرض الخاص «spv»، وتنظيم عقود التحوط المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وتحديث نظام الصكوك، وتحديد المتطلبات الشرعية لتقييم الأصول المتوافقة مع الشريعة، ووضع الحد الأدنى من المعايير ومتطلبات الإفصاح في نشرة الإصدار مثل تقييم الأصول واستخدامات الأموال والتخصيص وغيرها. حوكمة وأوضحت الهيئة أن من بين أدوارها في الاستراتيجية تطوير نظم الحوكمة، من خلال إصدار نظام حوكمة اللجان الشرعية في المؤسسات المالية بالأسواق، وثالثاً اعتماد وتأهيل أعضاء لجان الرقابة الشرعية عبر وضع متطلبات لاعتماد أعضاء اللجان الشرعية ومؤهلات العاملين في المنتجات والخدمات الإسلامية لدى شركات الأوراق المالية التي تقدم خدمات إسلامية، ورابعاً تطوير نظم اختبارات متخصصة عبر وضع اختبارات بمركز التدريب بالهيئة، وتضمين برامج التعليم المهني المستمر متطلبات تتعلق بحضور مؤتمرات أو ورش عمل في مجال التمويل الإسلامي بقصد نشر الوعي وتنميته لدى العاملين في شركات الأوراق المالية. ونوهت الهيئة إلى أن دور أسواق الأوراق المالية، يتمثل في وضع نظام لإدراج وتداول الأوراق المالية وعقود التحوط المتوافقة مع الشريعة الإسلامية بالتنسيق مع الهيئة، وإجراء تمييز للأوراق المالية الإسلامية، وتحديث أنظمة التداول والتقاص والتسوية فيما يتعلق بالتعامل مع المنتجات الإسلامية، وتطوير مؤشرات استثمارية للأوراق المالية الإسلامية، بما يتضمنه ذلك من تطوير التكنولوجيات، تسويق المنتجات المالية، خلق الزخم والسيولة. نموذج وذكرت الهيئة أن نموذج الصيرفة الإسلامية يقوم على ثلاثة مرتكزات أساسية في تجسيد علاقته مع التنمية الاقتصادية. الأول هو مقاصد الشريعة. وهي تعنى بضرورة الالتزام بالضوابط الكلية الحاكمة لمجالات التبادل الاقتصادي بحيث لا يكون النشاط موضوع العلاقة الاقتصادية محرماً في حد ذاته أو لا يحقق المصلحة العامة. والمرتكز الثاني هو الآليات، وتشمل كل الصيغ المباحة وتعمل كغطاء شرعي وقانوني لتكييف الهيكلة وتقنينها وعلاقة التبادل وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية. أما المرتكز الثالث فهو النتيجة المرجوة من عملية التبادل الاقتصادي. وأشارت الهيئة إلى أن بيع المرابحة يعد من أنواع البيوع المشروعة وأحد قنوات التمويل بالمصارف الإسلامية، وصور هذه المعاملة أن يتقدم العميل إلى المصرف طالباً منه شراء سلعة معينة بالمواصفات التي يحددها.

أكمل القراءة ...

حققت صناعة التمويل الإسلامي في العقد الأخير وكما تنقل بعض المصادر نمواً هو الأسرع في النظام المالي العالمي، حيث ازداد عمل هذه المصارف الإسلامية في العديد من الدول العربية والغربية، التي سعت الى تطوير عمل المؤسسات المالية الإسلامية وهو ما أسهم بازدياد أعداد هذه المؤسسات بشكل كبير في العديد من الدول، كون التمويل الإسلامي يمتلك العديد من المقومات التي تحقق له الأمن والأمان وتقليل المخاطر. وتعد المصارف الإسلامية حديثة العهد مقارنة بالمصارف التقليدية، وظهرت هذه المصارف في أواخر القرن الماضي وبدأت أولا بإتباع نظام عدم التعامل بالفائدة، ثم تطورت إلى مرحلة القيام بدور الوساطة بين جمهور المودعين والمستثمرين ووفق تقرير صندوق النقد الدولي استطاعت المؤسسات الإسلامية المالية، رغم حداثتها، جذب كثير من المتعاملين ورؤوس أموال كبيرة على المستوي العالمي، وأفلحت في زيادة الطلب على منتجاتها، حيث أن التمويل الإسلامي سوف يصل حتى نهاية عام 2015م إلى 3.4 ترليون دولار أمريكي. كما أنها كانت قد سجلت نموا مضطردا ما بين أعوام2003-2013، كما أن المصارف الإسلامية تحوز أصولا تجاوزت قيمتها 1.2 ترليون دولار في نهاية العام 2013. ويتوقع أن تنمو قيمة أصول قطاع التمويل الإسلامي في العالم بنسبة 80 بالمائة خلال السنوات الخمس القادمة، وتبلغ 3.24 ألف مليار دولار بحلول 2020، وذلك وفقاً للنتائج تقرير واقع الاقتصاد الإسلامي العالمي. وبلغ عدد المؤسسات المالية الإسلامية العاملة في مختلف أنحاء العالم، 1143 مؤسسة، منها 436 مصرفاً إسلامياً أو نافذة للخدمات المصرفية الإسلامية في البنوك التقليدية، و308 شركات تكافل و399 مؤسسة مالية إسلامية أخرى مثل شركات التمويل والاستثمار، وتوجد معظم هذه المؤسسات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي وجنوب شرق آسيا، بينما يتوزع العدد الآخر بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا ومناطق أخرى، وتستحوذ السعودية وإيران وماليزيا والإمارات على معظم الأصول المالية الإسلامية في العالم. لكن هذا القطاع المهم يشهد أيضا وبحسب بعض الخبراء العديد من التحديات بسبب بعض قواعد وقوانين، التي تعتمد على أراء واجتهادات وفتاوى معينه قد يصعب تطبيقها في بعض البلدان الغربية خصوصا مع قلة الأرباح المتحققة من هذه الإعمال، وهو ما قد يدفع بعض تلك المؤسسات الى اعتماد خطط وإجراءات جديدة في سبيل توسيع أعمالها المصرفية. نمو متزايد وفي هذا الشأن فقد تضاعف حجم الصيرفة الإسلامية التي تمنع الفائدة في غضون اربع سنوات ليصل الى الفي مليار دولار، فيما تبدو امكانيات النمو لهذا القطاع الحريص على مبادئ الشريعة الاسلامية من دون حدود. واستفادت الصيرفة الاسلامية من تجذرها في الاقتصاد الحقيقي ومن منعها للنشاطات التي تتضمن مضاربات. وقال الخبير الاقتصادي الكويتي الحجاج بوخضور ان "النشاط المالي الاسلامي وبالرغم من كونه محكوما بمبادئ دينية صارمة، الا انه لين ويحمل مخاطر اقل (من القطاع التقليدي)، وهذا ما ساعده على النمو بسرعة وعلى تلبية مطالب مختلفة". وقام الموظف احمد سليم بالتخلي في غضون يومين عن قرض ب35 الف دولار حصل عليه من مصرف تقليدي في الكويت. وقال سليم "لقد شرح لي احد علماء الدين ان الحصول على قرض من مصرف غير اسلامي حرام لان المصرف يفرض فوائد". وبعد ايام قليلة، حصل على قرض من مصرف اسلامي، من دون فوائد، وانما مع تعرفة قدرها 700 دولار. وكما احمد سليم، يستخدم الصيرفة الاسلامية 40 مليون شخص حول العالم الذي يعد 1,6 مليار مسلم. وكان قطاع الصيرفة الاسلامية هامشيا في السبعينات والآن بات قطاعا مصرفيا عملاقا. وافاد صندوق النقد والبنك الدوليين وهيئات مالية دولية اخرى ان اصول المصارف الاسلامية تضاعفت تسع مرات بين 2003 و2013 لتصل الى 1800 مليار دولار، فيما تشير التقديرات الى ان حجم الاصول يبلغ حاليا 2000 مليار دولار. و80% من هذه الاصول موجودة لدى المصارف و15% هي على شكل صكوك (سندات اسلامية) و4% في صناديق استثمارية اسلامية و1% في التامين الاسلامي المعروف ب"التكافل". وتبلغ حصة ايران من موجودات المصارف الاسلامية نسبة 40% مقابل 12% للسعودية و10% لماليزيا. وبحسب الخبراء، فان القطاع المالي الاسلامي سيتضاعف مرة اخرى حتى العام 2020 ليصل حجمه الى اربعة الاف مليار دولار. وتعززت مصادقية الصيرفة الاسلامية خلال الازمة المالية الاخيرة اذ استطاع القطاع الاسلامي ان يواجه تداعيات الازمة بشكل افضل من المصارف التقليدية، حتى ولو ان بعض الخبراء لديهم راي مختلف في هذا الشأن. وقال المدير العام للبنك الدولي محمود محيي الدين في دراسة صدرت مؤخرا ان "المصارف الاسلامية استطاعت ان تتجنب التداعيات الاكثر ضررا للازمة المالية في 2008 لانها لم تكن معرضة لازمة الرهون العقارية والى الديون السامة، كما انها ابقت على علاقة وثيقة بالاقتصاد الحقيقي"، اما صندوق النقد الدولي فقد قال انه "مع تمتع المصارف الاسلامية بتحوطات كبيرة من الاموال والسيولة، فهي مجهزة بشكل افضل لمواجهة الصدمات في السوق". الا ان النظام المصرفي الاسلامي القائم على مبدأ تقاسم الارباح والخسائر، عانى بشكل كبير من انهيار القطاع العقاري وقطاعات اقتصادية اخرى في الخليج خلال المرحلة الثانية من الازمة المالية. وقال الخبير الاقتصادي السعودي عبدالوهاب ابوداهش ان "بعض المؤسسات المالية الاسلامية اضطرت حتى للخروج من السوق". الا ان قوة الصيرفة الاسلامي تأتي من كونها "لا تتعاطى بالمشتقات المالية ولا تترك مجالا للمضاربات"، بحسب هذا الخبير. ولتلبية الطلب المتزايد باستمرار، طورت المصارف الاسلامية عددا كبيرا من المنتجات المالية المتوافقة مع الشريعة الاسلامية التي تحرم الربى. ف"المرابحة" تمول المشتريات الاستهلاكية فيما تسمح "المشاركة" بالاستحواذ على حصة او اسهم في اطار اتفاق بين الطرفين على المشاركة في الارباح او الخسائر. اما الصكوك فتسمح بجمع الاموال لتمويل مشاريع كبيرة، وهي تلقى نجاحا كبيرا حاليا. واصبحت بريطانيا في حزيران/يونيو الماضي اكبر مصدر للصكوك خارج الدول الاسلامية، اذ شهدت اصدارات بقيمة 323 مليون دولار تمت تغطيتها بمقدار 12 ضعفا. بحسب فرانس برس. وبلغ اجمالي قيمة الصكوك 269 مليار دولار بنهاية 2013 ومن المتوقع ان ينمو حجم قطاع الصكوك بنسبة تزيد عن 10% بحسب حاكم مركز دبي المالي العالمي عيسى كاظم. الا ان التنظيم وتنسيق المعايير يبقيان العقبتين الرئيسيتين امام الصيرفة الاسلامية. فكل مصرف اسلامي لديه هيئة شرعية تهتم بمواءمة المنتجات المالية مع الشريعة الاسلامية، ما يؤدي الى اختلافات بين المصارف. وتم اطلاق عدة مبادرات لتوحيد معايير الصيرفة الاسلامية. تشديد القواعد الى جانب ذلك أبدى صندوق النقد الدولي دعمه لقواعد التمويل الإسلامي وقال إنه ربما يكون أكثر أمانا من التمويل التقليدي لكنه طالب المصرفيين الإسلاميين بضرورة تشديد القواعد وقدر اكبر من الاتساق عند التطبيق. وأظهر تقرير نشره الصندوق اهتمامه المتنامي بالتمويل الإسلامي الذي يتوسع في أنحاء كثيرة من العالم. وفي أكتوبر تشرين الأول الماضي أطلق صندوق النقد نقاشا مع مجموعة استشارية من خبراء التمويل الإسلامي ومع كيانات في القطاع. وأشار تقرير الصندوق إلى أن الأنشطة المصرفية الإسلامية التي تحظر المضاربات النقدية الخالصة وتؤكد على أن الصفقات يجب أن تتم استنادا إلى نشاط اقتصادي فعلي قد تنطوي على مخاطر أقل لاستقرار الأنظمة المالية من الأنشطة المصرفية التقليدية. وهذا الرأي يتبناه منذ فترة طويلة مؤيدو التمويل الإسلامي والذين يسعون إلى حشد الدعم للصناعة ومن المرجح أن يعطي دعم صندوق النقد الدولي ثقلا إلى وجهة نظرهم. وقال الصندوق "قد يساهم التمويل الإسلامي... في تحسين الاقتصادات الكلية والاستقرار المالي، وقد تساهم قواعد مشاركة المخاطر والتمويل المدعوم بأصول في تحسين إدارة المخاطر لدى المؤسسات المالية وعملائها إضافة إلى تقييد طفرات في الإقراض." وأضاف أنه رغم ذلك فإن صناعة التمويل الإسلامي ربما تخفق في الوفاء بوعودها - وربما تكون سببا في زعزعة للاستقرار - إذا لم تضع قواعدها بعناية أكبر وتنفذها باتساق اكبر. بحسب رويترز. وقال التقرير إن هناك مشكلات أخرى في التمويل الإسلامي يجب معالجتها ومن بينها نقص الأدوات اللازمة لإدارة الأموال على الأمد القصير لدى البنوك الإسلامية والمجال المحدود للأمان المالي المتوافق مع الشريعة المتاح للبنوك والحاجة إلى قدر اكبر من الشفافية القانونية فيما يتعلق بحقوق المستثمرين. المغرب في السياق ذاته قال مشرعون إن البرلمان المغربي أصدر موافقته النهائية على مشروع قانون التمويل الإسلامي الذي يجيز إنشاء بنوك إسلامية ويتيح للشركات الخاصة إصدار سندات إسلامية. وتحاول المملكة المغربية تطوير سوق التمويل الإسلامي لديها منذ تولت حكومة يهيمن عليها الإسلاميون السلطة في أعقاب انتفاضات الربيع العربي عام 2011 وذلك لاجتذاب مستثمري الخليج الأثرياء. وتشهد البنوك الإسلامية نموا في منطقة الخليج وجنوب شرق آسيا منذ عقد، ولكن في المغرب لاقت الفكرة رفضا منذ وقت طويل بسبب الحذر من وجهات النظر الإسلامية. وتعاني أسواق المال المغربية من نقص السيولة والمستثمرين الأجانب ووجود التمويل الإسلامي قد يساعد على اجتذاب الأموال والاستثمارات. وقال سعيد خيرون رئيس لجنة المالية والتنمية الاقتصادية في البرلمان "مشروع القانون نال موافقة ‬‬161 صوتا ولم يعترض أحد عليه." وأضاف قوله إنه سيبدأ نفاذ مشروع القانون فور نشره بالجريدة الرسمية. إندونيسيا على صعيد متصل قال حليم علام شاه نائب محافظ بنك إندونيسيا المركزي إن البنك يخطط لإصدار قواعد لاتفاقات إعادة الشراء (ريبو) الإسلامية وهو ما يتيح للبنوك استخدام نطاق واسع من الأصول السيادية وأصول الشركات لإدارة السيولة. وتتزايد الجهود في مجال التمويل الإسلامي لتطوير بدائل للريبو التقليدي حيث يتطلع القطاع لسد الفجوة في أدوات التمويل المتاحة للبنوك الإسلامية حتى تتمكن من التكيف بشكل أفضل خلال الأوقات التي تتعرض فيها السوق لضغوط. ويتيح الريبو التقليدي للمؤسسات إقراض الأصول لفترات قصيرة للحصول على السيولة المالية، لكن ذلك يشكل معضلة في مجال التمويل الإسلامي لأنه يتضمن فائدة، ولدى البنك المركزي بالفعل تسهيلات إعادة شراء لأدوات سوق النقد الإسلامية لكن القواعد الجديدة ستتيح للبنوك الإسلامية أن تستخدم بشكل أفضل محافظها لأدوات الدخل الثابت طويلة الأجل. وقال علام شاه على هامش مؤتمر عن التمويل الإسلامي في البحرين إن ذلك لن يتعلق بالعملة المحلية فقط وإنما أيضا بالعملات الأجنبية. بحسب رويترز. روسيا من جانب اخر تطور بنوك روسية خبراتها في التمويل الإسلامي للمساعدة في توسيع مصادر التمويل للشركات المحلية برغم أن تلك الجهود قد تعرقلها العقوبات الغربية بسبب أزمة أوكرانيا فضلا عن عدم وجود إطار تنظيمي للقطاع. ولا يزال قطاع البنوك الإسلامية في روسيا في مهده. لكن ما يقدر بنحو 20 مليون مسلم يعيشون في هذا البلد ويعدون مصدرا محتملا للأموال إلى جانب الصناديق الإسلامية الغنية بالسيولة في الخارج. وأصبح التمويل الإسلامي مصدرا أساسيا للتمويل لبعض الحكومات والشركات خلال السنوات القليلة الماضية بل وأطلقت بعض البلدان غير المسلمة أولى إصداراتها من السندات الإسلامية (الصكوك) في العام الماضي. لكن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يسعيان لقطع التمويل الخارجي عن الشركات الروسية بسبب دعم موسكو للمتمردين في شرق أوكرانيا. وتخشى البنوك في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا - الأسواق الرئيسية للأدوات الموافقة للشريعة الإسلامية - أن تطالها العقوبات. ألمانيا على صعيد متصل قال وزير المالية الألماني فولفجانج شيوبله إن التمويل الإسلامي يكتسب أهمية متزايدة في الاقتصاد العالمي ويجب دمجه على نحو أفضل في

أكمل القراءة ...

دراسة‭ ‬تطبيقية‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬المصرية لقد عانى العالم منذ فترة من أزمات مالية عالمية يرجع سببها إلى القروض العقارية المورقة التي تمادت البنوك والمؤسسات المالية في استخدامها والتوسع فيها من خلال عمليات توريق الديون المضمونة بأصول الرهن العقارى وتوقف المستثمرين عن شراء السندات المالية للقروض المورقة والمدعومة بقروض الرهن العقاري، كما توقفت البنوك والمؤسسات المالية عن الائتمان لبعضها مما أدى إلى أزمة ائتمان هائلة نتج عنها إفلاس البنوك ومؤسسات الاستثمار الكبرى ثم تحولت تدريجياً إلى أزمة مالية عالمية يعاني منها العالم بأكمله، حتى أن تقرير المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وجه الاتهام لعمليات التوريق باعتبارها أهم أسباب الانهيار المالي العالمي، حيث  «كانت الأزمة بمثابة الاختبار الأول الذي تتعرض له أدوات الدين المضمونة بالأصول المالية الناتجة عن عمليات التوريق «. إعداد‭ ‬وتقديم‭ :‬‭ ‬د‭. ‬كوثر‭ ‬الأبجي رسالة‭ ‬ماجستير‭ ‬في‭ ‬المحاسبة‭ ‬من‭ ‬كلية‭ ‬التجارة‭ ‬–‭ ‬جامعة‭ ‬بني‭ ‬سويف‭ – ‬مصر الطالبة‭: ‬فاطمة‭ ‬روبي‭ (‬1437هـ‭ -‬2016م‭)‬ ‭  ‬أهمية‭ ‬البحــث‭:‬ يستمد البحث أهميته من أهمية نشاط توريق الأصول المالية من جانبين: الأول: استعراض مشكلات القياس والإفصاح المحاسبي عن توريق الأصول المالية. الثاني: تناول الجوانب الفقهية للتوريق في الفقه الاسلامي ومدى اتفاقه مع أحكامه. وهو ما سيتم التركيز عليه بمشيئة الله تعالى في هذا العرض، وهو أيضاً ما يميز هذه الرسالة العلمية التي تناولت لأول مرة التوريق التقليدي والتوريق في ضوء الفقه الاسلامي محاسبياً. ‭  ‬هـــدف‭ ‬البحــث‭:‬ تحديد المتطلبات المحاسبية للقياس والإفصاح لعمليات التوريق في ضوء كل من الفكر التقليدي والفكر الاسلامي لمواجهة تحديات الأسواق المالية. منهج البحث: المنهج الاستقرائي للقياس والإفصاح عن الأصول المالية المورقة. ‭  ‬خطة‭ ‬البحـث‭: ‬ تم تقسيم البحث إلى أربعة فصول تناولت: طبيعة التوريق ومخاطره في ضوء الفكر التقليدي والإسلامي، متطلبات القياس المحاسبي عن توريق الأصول المالية، متطلبات الإفصاح عن عمليات توريق الأصول المالية، والدراسة التطبيقية. نتائج‭ ‬دراسة‭ ‬التوريق‭/ ‬التصكيك‭ ‬في‭ ‬الفقه‭ ‬الإسلامي‭ ‬   باعتبار المؤسسات المالية الإسلامية تحرم الفائدة ومع اعتماد التوريق على هذه الفائدة كأداة تمويل, لذلك قسمت الدراسة إلى ثمانية جوانب كما يلي: أولاً: حكم توريق الأصول المالية والديون في الفقه الإسلامي: 1- الحكم الشرعي لنتائج توريق الأصول المالية والديون: (أ)‭ ‬توريق الأصول والديون يؤدي إلى التعامل بالفائدة: يؤدي التوريق إلى المتاجرة بالديون والتوسع حيث يمثل الربح الفرق بين فائدتي الإقراض والاقتراض وهي ربا محرم شرعاً، كما تعتمد على أصول صورية بما لا يتفق مع أحكام الشريعة مما يعنى أن التوريق محرم شرعاً. (ب) غياب الرقابة المالية الفعالة: يعتبر غياب الرقابة أهم المشكلات في الإهمال وضعف رقابة البنوك المركزية والمؤسسات المالية مما يسمح بمخالفة قواعد الرقابة والتلاعب والتدليس. (ج) انتشار الفساد الأخلاقي الاقتصادى: وتتمثل في الرشوة للحصول على القروض والتلاعب في تقويم الضمانات، وهو ما كشفته الأزمة المالية مع ضعف الشفافية وتدليس القوائم المالية للمصارف، مما يخل بالأمانة والشفافية وبذلك يتعارض التوريق مع أحكام الشريعة الإسلامية. 2- آراء علماء وفقهاء لمجمع الفقه الإسلامي الدولي:  توصلت الأبحاث إلى النتائج التالية: (أ) التوريق أداة مالية لتحويل ديون متجانسة مضمونة مع فوائدها إلى أوراق مالية قابلة للتداول من خلال مؤسسة ذات غرض خاص (S.P.V) يدخل ضمن سندات الدين المحرمة التي أصدر مجمع الفقه الإسلامي قراراً بشأنها رقم 60 (11/6) السندات. (ب) التصكيك هو البديل الشرعي للتوريق بدلاً من السندات المحرمة وهو قائم على أساسين: الأول: تطبيق المضاربة في مشروع معين، بحيث لا يكون لمالكيها فائدة أو نفع مقطوع، وإنما نسبة من ربح المشروع الفعلي بقدر ما يملكون من الصكوك حسب ضوابط المجمع في قراره رقم 137 (3/15). ‭ ‬المعيار‭ ‬الشرعي‭ ‬لقبول‭ ‬الأصول‭ ‬محل‭ ‬التصكيك‭ ‬هو‭ ‬عقد‭ ‬بيع‭ ‬الأصول‭ ‬فإذا‭ ‬ترتب‭ ‬عليه‭ ‬نقل‭ ‬ملكيتها‭ ‬يكون‭ ‬التصكيك‭ ‬جائزاً‭ ‬إسلامياً‭ ‬ الثاني: تحديد نوع العقد الشرعي الذي يمكن تطبيق التصكيك على أساسه ويتضمن الضوابط والشروط والأحكام الشرعية الخاصة بالإصدار والتداول. (ج) أصدر مجمع الفقه الإسلامي قرار رقم 178 (4/19) بشأن الصكوك الإسلامية (التوريق) وتطبيقاتها المعاصرة وتداولها جاء فيه أن التوريق التقليدي هو تحويل الديون إلى أوراق مالية (سندات) متساوية القيمة قابلة للتداول, وهي تمثل ديناً بفائدة لحاملها قى ذمة مصدرها ولا يجوز إصدار هذه السندات ولا تداولها شرعاً, والتصكيك هو إصدار وثائق مالية متساوية القيمة لحصص شائعة في ملكية الأصول تصدر وفق عقد شرعي وتأخذ أحكامه. ونستخلص مما سبق أن الآراء الفقهية لاتجيز استخدام التوريق لأنه يقوم على الديون بالفائدة المحرمة شرعاً، ونتيجة تطور المعاملات المالية الإسلامية مع قدرة الشريعة الإسلامية على مواكبة التطورات المالية والتمويلية أنتجت بديلاً شرعياً للتوريق التقليدي يتوافق مع أحكامها وتحكمه ضوابطها، وعرف هذا البديل  «بالتوريق الإسلامي » أو  «التصكيك », ويستند على أصول حقيقية مدرة للدخل ويمثل الصك حصة شائعة في ملكية حقيقية للأصل ويصدر على أساس عقد شرعي في إطار أحكام وضوابط شرعية في ضوء إصدار هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية للمعيار الشرعي رقم (17) بشأن صكوك الاستثمار. ثانياً: طبيعة الأصول الجائز توريقها أو تصكيكها إسلامياً: تحدد طبيعة الأصول المالية التي تورق أو تصكك ما إذا كانت هذه العملية توريق نقدي أو توريق يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، لذا يجب تحديد محفظة التوريق؛ هل هي ديون أم أصول؟ وهل الصكوك المصدرة مدعومة بالأصول أم بضمان الأصول وأيهما مقبول شرعاً ؟ ويتم توضيح ذلك كما يلي: 1- الأصول المحظور دخولها في التوريق / التصكيك:  (أ) من حيث نوع الأصول: اتفق الفقهاء على حرمة دخول الأصول التي تستخدم القروض الربوية، وقد قررت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية عدم جواز تصكيك الديون في الذمم لعدم جواز بيع الدين شــرعاً. (ب)  من حيث طبيعة الأصول: يجب أن تكون الأصول المورقة التي تصدر بها الصكوك الإسلامية أصول حقيقية مدرة للدخل وليست صورية ليتمكن حملة الصكوك من التصرف فيها. 2- علاقة الأصول المورقة/ المصككة بالصكوك المصدرة: يجب التفرقة بين نوعين من توريق أو تصكيك الأصول وهما: التصكيك المدعوم بالأصول والتصكيك القائم على الأصول: (أ) التصكيك المدعوم بالأصول: هو  «انتقال ملكية الأصول محل التصكيك إلى حملة الصكوك الإسلامية بمعنى امتلاكهم أصول الصكوك وبيعها اذا لزم وحدث تعثر ». (ب) التصكيك القائم على الأصول: وفيه  «لا تنتقل ملكية الأصول محل التصكيك من المنشئ لحملة الصكوك بعقد حقيقى وليس لديهم حق النفاذ للأصول وبيعها عند التعثر أو الإفلاس لأنهم لا يملكونها قانونياً », ومن أمثلته تطوير مطار مملكة البحرين. مشكلات تطبيق إصدار الصكوك: هناك انحرافات في تطبيق التصكيك القائم على الأصول، منها ما يلي: – عدم نقل ملكية الأصل إلى شركات SPV وإبقائها ضمن ملكية المنشأة المُصدِرة وبذلك يضمن المُصدر لحملة الصكوك عائد/ فائدة ربوية , بالإضافة إلى رأس مالهم عند الاكتتاب. – لا يحق لحملة الصكوك الرجوع على المصدر عند الإفلاس أو التعثر, مما يؤكد أنها مجرد سندات مضمونة, لا صكوك ملكية تتحمل الربح والخسارة وتصدر بضمان طرف ثالث. – للمنشئ الحق في المتحصلات الفائضة غير المتفق عليها من عوائد الصكوك بما لا يعد بيعاً حقيقياً وبالتالي تكون الصكوك في حقيقتها قرضاً مضموناً يقدمه حملة الصكوك للمنشئ. – إذا اشترط المصدر على المنشئ ضمان قيمة الصفقة برهن الأصل, أو ضمانها بأصول أخرى للمنشئ تكون الصفقة مجرد سندات مضمونة بعائد محدد وليست صكوكاً إسلامية. (ج) أدلة رفض التوريق/ التصكيك القائم على الأصول شرعاً: عدم نقل ملكية الأصول لحملة الصكوك في التصكيك القائم على الأصول يعني أن العقد الخاص بصفقة التصكيك حق غير شرعي لأن أساس عملية البيع لأي أصل هو نقل الملكية وبذلك نستنتج يما يلي: – عدم نقل الملكية غير جائز شرعاً إذ يتحول التصكيك إلى قرض مضمون من حملة الصكوك للمنشئ على أن يعيده لهم بزيادة تمثل الفرق بين سعر البيع وسعر الشراء. – حرمان حملة الصكوك من حقهم في النفاذ إلى الأصول وبيعها في حالة التعثر أو إعسار المنشئ أو الإفلاس يعني أنهم مجرد دائنون كباقي الدائنين مما يؤكد صورية العقد. – ألا يكون لحملة الصكوك حق الإشراف وإقرار نتائج الأعمال باعتبارهم مشاركين للشركة, ويتطلب قرار مجمع الفقه الإسلامي 178 أن تتولى شركات SPV إصدار الصكوك وإدارتها. ‭ ‬يجب‭ ‬إيجاد‭ ‬معايير‭ ‬دقيقة‭ ‬لرقابة‭ ‬المصارف‭ ‬المركزية‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الضوابط‭ ‬الشرعية‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬معايير‭ ‬وضوابط‭ ‬سندات‭ ‬الدين‭ ‬ ثالثاً: مفهوم التصكيك الإسلامي وخصائصه: 1- الحاجة الاقتصادية والمالية إلى إصدار الصكوك الإسلامية: تعتبر الصكوك استكمال لباقي آليات وأدوات الاقتصاد الإسلامي، كما أنها ترفع الحرج عن شريحة من المستثمرين تحتاجها وتثري السوق المالية الإسلامية، وهي من أهم وسائل تنويع الموارد الذاتية وتوفير السيولة وتساعد الأفراد على توفير مدخراتهم الصغيرة وتجميعها وتثمينها. 2- مفهوم التصكيك/ التوريق الإسلامي: عرفتها هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية بالمعيار الشرعي رقم (17) بأنها  «وثائق متساوية القيمة تمثل حصصاً شائعة في ملكية أعيان أو منافع أو خدمات أو في موجودات مشروع معين أو نشاط استثماري خاصة بعد تحصيل قيمة الصكوك وقفل باب الاكتتاب وبدء استخدامها فيما أصدرت من أجله ». 3- خصائص الصكوك الإسلامية: ‭ ‬•‭ ‬وثيقة باسم مالكها أو لحاملها لإثبات حق مالكها فيما تمثله من حقوق والتزامات مالية . ‭ ‬•‭ ‬ تمثل حصة شائعة في ملكية موجودات مخصصة للاستثمار, أعياناً كانت أو منافع أو خدمات أو خليطاً منها وحقوقاً معنوية، ولا تمثل ديناً في ذمة مصدرها لحاملها. ‭ ‬•‭ ‬تصدر على أساس عقد شرعي بضوابط شرعية تنظم إصدارها وتداولها. ‭ ‬•‭ ‬يخضع تداول الصكوك لشروط تداول ما تمثله . ‭ ‬•‭ ‬يشارك مالكو الصكوك في الربح والخسارة حسب الاتفاق في نشرة الإصدار . رابعاً: أنواع الصكوك الإسلامية وضوابطها الشرعية: وثائق متساوية القيمة بأنواع مختلفة هي: صكوك ملكية الأصول، صكوك ملكية المنافع، صكوك السلم، صكوك الاستصناع، صكوك المرابحة، صكوك المشاركة، صكوك المزارعة، صكوك المساقاة، صكوك المغارسة، وتطبق فيما سبق العقود الشرعية المعروفة مثل الإجارة والمرابحة والمضاربة والوكالة …الخ. الأحكام والضوابط الشرعية للصكوك الإسلامية: يجب مراعاة ما يلي: (أ) مقومات إصدار الصكوك الاستثمارية الإسلامية: – يجوز إصدار صكوك لاستثمار حصيلة الاكتتاب فيها على أساس عقد استثمار شرعي. – يجوز تص

أكمل القراءة ...

موسكو، روسيا (CNN) -- أعرب تقرير اقتصادي روسي عن تشاؤمه حيال مستقبل المصرفية الإسلامية في روسيا، معتبرا أن تجربة البنوك الإسلامية في البلاد واجهت الكثير من التعثر بسبب نقص الوعي بالتمويل الإسلامي من جهة وغياب الهيكل القانوني الذي يتيح لها العمل بشكل سليم. ويشير التقرير إلى وجود ملايين المسلمين في روسيا، ولكنه يلفت أيضا إلى أن المحاولات لإدخال المصرفية الإسلامية إلى المناطق ذات الغالبية المسلمة منذ عام 1997 لم تكلل بالنجاح، مضيفا أن الخبراء يشككون في وجود طلب على هذا النوع من الخدمات في البلاد كما يعتقدون أن النظام القانوني ليس متطورا بما فيه الكفاية لاستيعابه. ويلفت تقرير الموقع مثلا إلى ما يواجهه مصرف "تاتاغروب بروم بنك" الذي أطلق نافذة إسلامية وصفت بأنها "ناجحة" في مدينة قازان الروسية، عاصمة جمهورية تترستان، التي تشكل جزءا من روسيا الاتحادية، إذ وجهت السلطات اتهامات بالفساد لأحد أبرز مسؤوليه، والذي تعود ترتبط التهم الموجهة إليه بنشاطاته في مصرف آخر هو "تاتفوند بنك" الذي يرأس مجلس إدارته، والذي خسر رخصته التجارية في مارس/آذار 2017. ولم يتضح بعد ما إذا كان مصرف "تاتاغروب بروم بنك" سيلقى المصير نفسه، كما لم تتوفر معلومات حول مصير النافذة الإسلامية ومستقبل عملها. ويضاف إلى تلك الإشكالات قرار الدوما الروسي في التاسع من مارس/آذار الماضي الرافض لإقرار مشروع قانون يتيح عمل المصرفية الإسلامية بشكل كامل وقانوني في روسيا. ويعود العمل المصرفي الإسلامي في روسيا إلى عام 1991، وذلك عندما حصل بنك "بدر فورتي" على رخصة للعمل المصرفي الإسلامي في موسكو، غير أنه لم يباشر مهامه إلا عام 1997، ولكن المصرف المركزي الروسي قام في خطوة مفاجئة عام 2006 بسحب رخصته بحجة عدم التزامه بالقوانين والأنظمة التي حددها المصرف المركزي. وخلال العام الحالي أيضا، فقد مصرف آخر هو "أمل فيننشل هاوس" التابع لبنك "بلغار" رخصته للعمل الإسلامي في روسيا، وسبق ذلك عام 2013 إعلان حل بنك "اسكسبرس" في داغستان واعتباره "غير فاعل"، رغم أن كل تلك البنوك لم تكن مصارف بالمعنى التقليدي وإنما "نوافذ" إسلامية حاولت تجاوز العقبات القانونية الروسية التي تنص على أن المصارف يجب أن تلزم العميل دائما برسوم. ونقل التقرير عن مراد السكيروف، المدير التنفيذي لبنك "لا ربا" الذي يعتبر أكبر مصرف إسلامي ما يزال يعمل في مدينة محج قلعة الداغستانية، قوله إن فشل المصارف الإسلامية مرتبط أيضا بعملية "تطهير" تقوم بها السلطات الروسية تجاه المصارف والتي أدت إلى سحب رخص عدد آخر من البنوك التقليدية المعروفة وذلك بسبب اعتبار أنها تهدد الاقتصاد الوطني بسبب عدم امتثالها للقانون.

أكمل القراءة ...

المذهب الاقتصادي نتيجة للأيدولوجية التي يعتقدها الإنسان. والرأسمالية حينما قدمت البنوك كأحد منتجاتها الحضارية، كانت تترجم عمليًّا تصوّرَها لدور رأس المال في الحياة عموما، وفي العملية الإنتاجية خصوصا. فالرأسمالية تعتبر رأس المال العنصر الرئيسي في العملية الإنتاجية، لذلك كانت أولى تعريفات البنوك في الأدبيات الاقتصادية المعنية بدراسة البنوك، أنها "تاجر قروض"، وحاولوا تجميل التعريف فيما بعد بالحديث عن البنك الشامل. وكان تحديد عوائد العملية الإنتاجية في النظام الرأسمالي محددا بشكل واضح وهو "الفائدة" لرأس المال، بينما يحصل العمل على الأجر، والتنظيم على الربح، والأرض على الريع أو الإيجار. أما المذهب الاقتصادي الإسلامي فلا ينطلق بمعزل عن العقيدة الإسلامية التي تعكس بوضوح وجود علاقة بين الإله والكون والحياة، ومن هنا فالمال في حياة المسلم والأمة الإسلامية ليس حيازة شخصية أو جماعية، إنما هو مسؤولية، وله أدوار اقتصادية واجتماعية وسياسية تستهدف عمارة الأرض في إطار من العبودية لله عز وجل. البعد المقاصدي للمال والبنوك من مسلمات الشريعة الإسلامية أن المال أتى ضمن المقاصد الخمسة الرئيسية، وأنه متفرد في الحساب عليه في الآخرة، كما جاء في الحديث النبوي الشريف "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع"، ومنها "عن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه"، هذا على إثر ذكر المسؤولية الشخصية. البنوك الإسلامية تسعى لتنويع خدماتها للأفراد والشركات وفق ضوابط الشريعة (الأوروبية) أما على المستوى العام، فهناك مقاصد خمسة تخص المال ذكرها العالم المقاصدي الجليل الشيخ الطاهر بن عاشور، وهي: التداول والرواج داخل المجتمع، والسعي للكسب والاستثمار، وإثبات ملكية الأموال، وحرية التصرف في الأموال الخاصة، ووضع المال في نصابه الحلال. وهذه المقاصد لا تخص أموال الأفراد فقط، ولكنها تشمل أموال الشخصيات الاعتبارية (الشركات بمختلف أنشطتها، وباقي المؤسسات المالية البنكية منها وغير البنكية)، وكذلك مال الدولة، ومال مؤسسات النفع العام للمجتمع المدني. ولا تجد البنوك الإسلامية مفرا من استهداف هذه المقاصد والعمل في إطارها، فهو إطار حاكم ومحدد لنشاطاتها. أما البنوك التقليدية فلها أيدولوجية مختلفة ومقاصد مختلفة تعتمد على استهداف المال، بغض النظر عن آليات وضوابط الحصول عليه. البنوك التقليدية تعتبر المال سلعة تباع وتشترى عبر اعتماد الفائدة كعائد له، بغض النظر عن عوائد النشاط الاقتصادي قد يقول قائل إن الرأسمالية الحديثة وضعت ضوابط كثيرة للحصول على الأموال ومدى مشروعيتها. ولكن الواقع يظهر عجز الرأسمالية من خلال تقنينها للأنشطة التي تضر بوظيفة المال، مثل القمار والرهان والصناعات التي تضر بالبيئة وصحة الإنسان. بل في بعض الدول الرأسمالية هناك تقنين للمال المكتسب من أنشطة الاقتصاد الأسود (تجارة السلاح، والمخدرات، والدعارة)، وفوق هذا كله اعتبارها المال سلعة تباع وتشترى عبر اعتماد الفائدة كعائد له في العمليات الإنتاجية والخدمية، بغض النظر عن عوائد النشاط الاقتصادي. ولا يعد الفارق المقاصدي التمييز الوحيد بين البنوك الإسلامية والتقليدية، فهناك مجموعة من الفوارق الأخرى جعلت البنوك الإسلامية بمنأى عن التداعيات السلبية للأزمة المالية العالمية، التي لعبت فيها البنوك التقليدية دورا كبيرا أدى إلى خسائر ما زالت الاقتصادات في أوروبا وأميركا تدفع ثمنها. وفيما يلي نشير إلى مجموعة مهمة تميز البنوك الإسلامية عن التقليدية، تخص جوانب السلامة المالية ومتطلبات التنمية: اختلاف طبيعة العقود تتعامل البنوك التقليدية في قبول الودائع والاستثمار على أساس أنها تضمن أصول هذه الودائع والاستثمارات مع العائد عليها، وذلك لتوصيفها الرئيسي على أنها قروض، وبالتالي يصنف الفقهاء طبيعة هذه العلاقة التعاقدية للبنوك على أنها يد ضمان. البنوك الإسلامية تطبق قاعدة المشاركة في الغنم والغرم (رويترز) ولكن في البنوك الإسلامية يكون قبول الودائع والاستثمار من خلال قاعدة المشاركة في الغنم والغرم، ولذلك فهي لا تضمن هذه الودائع والاستثمارات، ولكنها تصنف على أن يدها في هذه التعاملات يد أمانة. ومن هنا تفردت تعاقدات البنوك الإسلامية عن البنوك التقليدية بتقديم صيغ المشاركات والمضاربات والمرابحات والإجارة، والقرض الحسن (وإن كانت هذه المعاملة تتم في أضيق الحدود)، وغيرها من الصيغ الشرعية الإسلامية. العائد على النشاط يحدد العائد على أنشطة البنوك التقليدية من خلال آلية ثابتة هي سعر الفائدة دون اعتبارات أخرى، فالبنك التقليدي باعتباره تاجر قروض يركز على هامش ربحه المتمثل في الفارق بين سعر الفائدة على الودائع للمدخرين وسعر الفائدة على القروض الممنوحة للعملاء. وللأسف يكون هذا السعر ثابتا في مختلف الأنشطة الاقتصادية سواء كانت تجارية أو إنتاجية، صناعية أو زراعية أو خدمية، وبالتالي تفتقد تحميل تكلفة التمويل إلى العدالة بين الأنشطة المختلفة. والبنوك التقليدية تحسب سعر الفائدة كنسبة من رأس المال وليس على طبيعة العائد من النشاط. أما في البنوك الإسلامية، فيكون التعاقد على توفير التمويل لا الإقراض. وعادة ما يكون التمويل لخدمة أو إنتاج سلعة محددة. وينظر إلى العائد من النشاط وتحديد نسبة العائد لرأس المال، وهو عائد مختلف من نشاط إلى آخر، ولا يعني ذلك أن يكون البديل اختلاف نسب الفائدة، ولكن المطلوب هو اختلاف العائد على مشاركة رأس المال، وحجم المخاطر التي يتحملها، واحتساب العائد كنسبة من الأرباح لا من أصل رأس المال.   البنوك الإسلامية تنأى عن تمويل الأنشطة التي تشوبها شبهات الحرام (رويترز)   محددات النشاط   تنظر البنوك التقليدية إلى اعتبارات مالية وقانونية تحدد من خلالها صلاحية العميل للحصول على قروضها، على رأسها الملاءة المالية، والقدرة على السداد، وأن يكون النشاط مسموحا به قانونا.   ولكن البنوك الإسلامية تأخذ بالإضافة إلى هذه الشروط اعتبار النشاط من حيث الضوابط الشرعية، من كونه نشاطا حلالا ومباحا، لا حراما ومكروها، لأن القوانين قد تسمح بممارسة بعض الأنشطة التي تشوبها شبهة الحرام أو الكراهية. فالبنوك الإسلامية لا تمول زراعة أو إنتاج التبغ على سبيل المثال، أو الخمور، أو أي سلعة أو خدمة يُتيقن من أنها تسبب ضررا على الفرد أو المجتمع.   ومن السمات المهمة للبنوك الإسلامية، أنها تعمل في تمويل الاقتصاد الحقيقي ولا تتاجر في الديون الفردية أو العامة، مثل شراء السندات، أو شراء وبيع سلع غير موجودة لدى البائع كما يحدث في بورصات السلع، حيث تتم عشرات العمليات بالبيع والشراء لسلعة واحدة لا يملكها في وقت التعامل أي من بائعيها.   وكانت هذه السلبيات من أهم أسباب تفاقم مشكلة البنوك في الأزمة المالية العالمية. ولذلك خرجت البنوك الإسلامية سالمة من تلك الأزمة، فلا هي تتاجر في السندات، ولا الديون الوهمية الناتجة عن الرهن المتكرر، ولم تتعامل على سلع وهمية.   اعتبارات التنمية   الأصل أن البنوك تقوم بدور واضح في تمويل التنمية، ولكن تجربة البنوك التقليدية على مدار قرون كانت تركز على اعتبارات الربح، دون النظر إلى المردود التنموي. ولعل واقع تجربة البنوك في الدول العربية وغيرها من الدول النامية يوضح ذلك، فلا يستفيد من تمويل البنوك سوى الأغنياء، ولا مجال للطبقة المتوسطة أو الفقيرة في الاستفادة من تمويل البنوك التقليدية (بغض النظر عن الاعتبارات الخاصة بالحلال والحرام في المعاملات).     لعل صيغ الصكوك الإسلامية كانت من أنسب آليات تمويل البنوك الإسلامية للحكومات أو مشروعاتها   كما أن البنوك التقليدية أسرفت في إقراض الحكومات لتمويل الدين العام، مستفيدة من العائد المرتفع الذي تدفعه مقارنة بغيرها من المقترضين، وكذلك انعدام نسب المخاطرة في إقراض الحكومات.   وأدى هذا إلى إحجام البنوك عن إقراض قطاع الأعمال لإنتاج السلع والخدمات، وزيادة الدين العام وزيادة أعبائه، وانصراف الحكومات للاعتماد على الخارج عبر الاستيراد، بل والقروض الخارجية عبر البنوك أيضا.   ولا تملك البنوك الإسلامية حق الاتجار في الديون سواء للأفراد أو الحكومات، فلا تقوم بعمليات خصم الأوراق التجارية والمالية، أو المساهمة في تمويل الدين العام. ولكن يمكنها تمويل مشروعات عامة، سواء كانت تملكها الدولة أو مؤسساتها العامة، عبر الصيغ الإسلامية المعتمدة بناء على قاعدة "الغنم بالغرم". ولعل صيغ الصكوك الإسلامية كانت من أنسب آليات تمويل البنوك الإسلامية للحكومات أو مشروعاتها.     وبالتالي يكون لدى البنوك الإسلامية مساحة أكبر في إقراض قطاع الأعمال، مما يساعد على إنتاج السلع والخدمات، ووجود هيكل إيجابي للناتج المحلي الإجمالي يعظم من سياسة الاعتماد على الذات في مشروع التنمية.

أكمل القراءة ...

+974 4450 2111
info@alsayrfah.com