18 - أبريل - 2024

الفصل المحاسبي في المصارف ذات النوافذ الإسلامية

يمكن تعريف الفصل المحاسبي للأموال المتعلقة بالخدمات المالية الإسلامية بأنه «تسجيل العمليات المتعلقة بالخدمات المالية الإسلامية بشكل منفصل عن عمليات المصرف التقليدية بما يلائم طبيعة عمليات الخدمات المالية الإسلامية، وأن يكون الإفصاح عنها بشكل منفصل عن العمليات التقليدية وفقًا لمعايير المحاسبة المعمول بها».

وينبغي التنبه في تحرير مفهوم الفصل المحاسبي إلى الأمور الآتية:

– لا يقصد من الفصل المحاسبي إنشاء سجل خاص للنافذة مستقل عن سجل المصرف (الأستاذ العام(؛ لأن هذا يخالف طبيعة النافذة التي تعد جزءًا من كيان المصرف القانوني ومركزه المالي، وإنما يقصد به التسجيل المنفصل للعمليات المتعلقة بالخدمات المالية الإسامية، وتصنيف هذه الحسابات وتبويبها بشكل مستقل عن الحسابات التقليدية، سواء في الأصول أو الالتزامات والإيرادات والمصروفات.

– الفصل المحاسبي لعمليات الخدمات المالية الإسلامية داخل سجل المصرف (الأستاذ العام) لا يعارض إصدار تقارير مالية خاصة بالنافذة الإسلامية باعتبارها وحدة محاسبية يصدر لها تقارير مالية توازن بين أصولها والتزاماتها، وتفصح عن حساب أرباحها وخسائرها، وتمكّن من الرقابة والإشراف على أدائها الشرعي، وتقييم كفاءة إدارة مواردها.

– على المصرف وضع سجلات داخلية لحساب بعض العلميات التي تخص الخدمات المالية الإسلامية، والتي لا يتوافق تسجيلها وقياسها مع المعايير المحاسبية الدولية، مثل: التنضيض الحكمي لأرباح الحسابات الاستثمارية، حسابات حملة الصكوك التمويلية، حساب الاحتياطيات المأخوذة من أرباح حسابات المضاربة للمحافظة على التوزيعات النقدية، ومخصصات الخسائر

المستقبلية، ونحو ذلك.

ويهدف الفصل المحاسبي للأموال والعمليات المتعلقة بالخدمات المالية الإسلامية عن الأموال والعمليات المتعلقة بالخدمات التقليدية إلى:

– تزويد أصحاب العلاقة بالمعلومات اللازمة عن توظيف «مصادر الأموال الإسلامية» في خدمات مالية إسلامية، وسلامة إجراءات تنفيذها.

– رفع كفاءة الخدمات المالية الإسلامية، وحمايتها من تأثير المعامات المحرمة على مشروعيتها.

وتنقسم المصادر التي يمول بها المصرف ذو النوافذ الإسلامية إلى قسمين:

القسم الأول: مصادر لا يلتزم المصرف بتوظيفها في الخدمات المالية الإسلامية، والتي يمكن أن يطلق عليها «مصادر الأموال التقليدية»، أو «التزامات تقليدية».

القسم الثاني: مصادر يلتزم المصرف بتوظيفها في الخدمات المالية الإسلامية، والتي يمكن أن يطلق عليها «مصادر أموال إسلامية»، أو «التزامات إسلامية، فهذه المصادر هي التي يلتزم المصرف بأن يوظفها في تمويل الخدمات المالية الإسلامية التي تقدَّم من خلال النافذة الإسلامية.

والفصل المحاسبي للأموال المتعلقة بالخدمات المالية الإسلامية شرط رئيس لجواز تلقي المصرف لمصادر الأموال الإسلامية لاستثمارها بصيغة مباحة، سواء أكانت هذه المصادر داخلية؛ مثل رأس مال المساهمين؛ كأن يصدر قرار من الجمعية العمومية بتحول جزء من رأس مال المصرف لتمويل الخدمات المالية الإسلامية، أم كانت من مصادر تمويل خارجية، مثل الحسابات المصرفية التي يلتزم المصرف لعملائه بأن يوظفها في استثمارات مباحة شرعًا، مثل ودائع حسابات المضاربة، والوكالة في الاستثمار، وصكوك الاستثمار على أساس المضاربة أو الوكالة بالاستثمار، أو شهادات الاستثمار على أساس المضاربة أو الوكالة بالاستثمار؛ إذ لولا هذا الفصل لما أمكن التحقق من التزام المصرف بتوظيف مصادر الأموال الإسلامية في تمويل خدمات مالية إسلامية.

وأما «المصادر التقليدية» من رأس مال المساهمين أو من أرباحهم غير الموزعة من أنشطة المصرف المباحة، والتي لا يلتزم المصرف بأن يوجهها في خدمات مالية إسلامية، فقد يتم توظيفها في تمويل الخدمات المالية الإسلامية.

من هنا يتبين أن هدف الفصل المحاسبي لأموال الخدمات المالية الإسلامية يلتقي مع هدف «الإسهام في توفير الحماية لموجودات وحقوق المصارف وحقوق الأطراف المختلفة»، و«الإسهام في رفع الكفاءة الإدارية والإنتاجية وتشجيع الالتزام بالسياسات والأهداف الموضوعية، وتشجيع الالتزام بالشريعة الإسلامية في جميع الأنشطة والعمليات والمعاملات» (معايير المحاسبة والمراجعة والحوكمة والأخلاقيات، الفقرتان)ب( و)ج( من البند 6/1 من أهداف المحاسبة المالية للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية).

كما يلتقي مع هدف التقرير المالي ذي الغرض العام بـ«أن يوفر معلومات مالية عن المنشأة المعدة للتقرير؛ مفيدة للمستثمرين والمقرضين والدائنين الآخرين، الحاليين منهم والمحتملين في اتخاذ قرارات حول تقديم موارد للمنشأة» وفقًا لإطار مفاهيم التقرير المالي (معايير المحاسبة الدولية، الهدف 3 من إطار مفاهيم التقرير المالي).

 

الدكتور علي بن محمد بن محمد نور

+974 4450 2111
info@alsayrfah.com